فلطف الله لي بهذا الشراب فقواني به عليكم فلما قال له ذلك أقبل الساحر على الملك فقال اعلم أيها الملك أنك لو كنت تقاسي رجلا مثلك إذا كنت غلبته ولكنك تقاسي جبار السماوات وهو الملك الذي لا يرام وقد كانت امرأة مسكينة سمعت بجرجيس وما يصنع من الأعاجيب فأتته وهو في أشد ما هو فيه من البلاء فقالت له يا جرجيس إني امرأة مسكينة لم يكن لي مال ولا عيش إلا ثور كنت أحرث عليه فمات وجئتك لترحمني وتدعو الله أن يحيى لي ثوري فذرفت عيناه ثم دعا الله أن يحيى لها ثورها وأعطاها عصا فقال اذهبي إلى ثورك فاقر عيه بهذه العصا وقولي له احى بإذن الله فقالت يا جرجيس مات ثوري منذ أيام وتفرقته السباع وبيني وبينك أيام فقال لو لم تجدي منه إلا سنا واحدة ثم قرعتها بالعصا لقام بإذن الله فانطلقت حتى أتت مصرع ثورها فكان أول شئ بدا لها من ثورها أحد روقيه وشعر ذنبه فجمعت أحدهما إلى الآخر ثم قرعتها بالعصا التي أعطاها وقالت كما أمرها فعاش ثورها وعملت عليه حتى جاءهم الخبر بذلك فلما قال الساحر للملك ما قال قال رجل من أصحاب الملك وكان أعظمهم بعد الملك اسمعوا منى أيها القوم أحدثكم قالوا نعم فتكلم قال إنكم قد وضعتم أمر هذا الرجل على السحر وزعمتم أنه سحر أيديكم عنه وأعينكم فأراكم انكم تعذبونه ولم يصل إليه عذابكم وأراكم أنكم قد قتلتموه فلم يمت فهل رأيتم ساحرا قط قدر أن يدرأ عن نفسه الموت أو أحيى ميتا قط ثم قص عليهم فعل جرجيس وفعلهم به وفعله بالثور وصاحبته واحتج عليهم بذلك كله فقالوا له إن كلامك لكلام رجل قد أصغى إلى قال ما زال أمره لي معجبا منذ رأيت منه ما رأيت قالوا له فلعله استهواك قال بل آمنت وأشهد الله أنى برئ مما تعبدون فقام إليه الملك وصحابته بالخناجر فقطعوا لسانه فلم يلبث أن مات وقالوا أصابه الطاعون فأعجله الله قبل أن يتكلم فلما سمع الناس بموته أفزعهم وكتموا شأنه فلما رآهم جرجيس يكتمونه برز للناس فكشف لهم أمره وقص عليهم كلامه فاتبعه على كلامه أربعة آلاف وهو ميت فقالوا صدق ونعم ما قال يرحمه الله فعمد إليهم الملك فأوثقهم ثم لم يزل يلون لهم العذاب ويقتلهم
(٤٧٠)