المشارق والمغارب) فذكر عدة تلك العيون كلها قال وخلق الله بحرا دون السماء مقدار ثلاث فراسخ وهو موج مكفوف قائم في الهواء بأمر الله عز وجل لا يقطر منه قطرة والبحار كلها ساكنة، وذلك البحر جار في سرعة السهم ثم انطلاقه في الهواء مستويا كأنه حبل ممدود ما بين المشرق والمغرب فتجرى الشمس والقمر والخنس في لجة غمر ذلك البحر فذلك قوله تعالى (كل في فلك يسبحون) والفلك دوران العجلة في لجة غمر ذلك البحر والذي نفس محمد بيده لو بدت الشمس من ذلك البحر لا حرقت كل شئ في الأرض حتى الصخور والحجارة ولو بدا القمر من ذلك لأفتتن أهل الأرض حتى يعبدوه من دون الله إلا من شاء الله أن يعصم من أوليائه قال ابن عباس فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه بأبي أنت وأمي يا رسول الله ذكرت مجرى الخنس مع الشمس والقمر وقد أقسم الله بالخنس في القرآن إلى ما كان من ذكرك فما الخنس؟ قال يا علي هن خمسة كواكب البرجيس وزحل وعطارد وبهرام والزهرة فهذه الكواكب الخمس الطالعات الجاريات مثل الشمس والقمر العاديات معهما فاما سائر الكواكب فمعلقات من السماء كتعليق القناديل من المساجد وهى تحوم مع السماء دورانا بالتسبيح والتقديس والصلاة لله ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم فان أحببتم أن تستبينوا ذلك فانظروا إلى دوران الفلك مرة ههنا ومرة ههنا فذلك دوران السماء ودوران الكواكب معها كلها سوى هذه الخمس ودورانها اليوم كما ترون وتلك صلاتها ودورانها إلى يوم القيامة في سرعة دوران الرحا من أهوال يوم القيامة وزلازله فذلك قوله عز وجل (يوم تمور السماء مورا، وتسير الجبال سيرا، فويل يومئذ للمكذبين) قال فإذا طلعت الشمس فإنها تطلع من بعض تلك العيون على عجلتها ومعها ثلثمائة وستون ملكا ناشري أجنحتهم يجرونها في الفلك بالتسبيح والتقديس والصلاة لله على قدر ساعات الليل وساعات النهار ليلا كان أو نهارا فإذا أحب الله أن يبتلى الشمس والقمر فيرى العباد آية من الآيات فيستعتبهم رجوعا عن معصيته واقبالا على طاعته خرت الشمس من العجلة فتقع في غمر ذلك البحر
(٤٦)