الليل من قبل ذلك الحجاب فلا تزال الشمس والقمر كذلك من مطالعهما إلى مغاربهما إلى ارتفاعهما إلى السماء السابعة العليا إلى مجلسهما تحت العرش حتى يأتي الوقت الذي ضرب الله لتوبة العباد فتكثر المعاصي في الأرض ويذهب المعروف فلا يأمر به أحد ويفشو المنكر فلا ينهى عنه أحد فإذا كان ذلك حبست الشمس مقدار ليلة تحت العرش فكلما سجدت واستأذنت من أين تطلع لم يحر إليها جواب حتى يوافيها القمر ويسجد معها ويستأذن من أين يطلع فلا يحار إليه جواب حتى يحبسهما مقدار ثلاث ليال للشمس وليلتين للقمر فلا يعرف طول تلك الليلة إلا المتهجدون في الأرض وهم حينئذ عصابة قليلة في كل بلدة من بلاد المسلمين في هو ان من الناس وذلة من أنفسهم فينام أحدهم تلك الليلة قدر ما كان ينام قبلها من الليالي ثم يقوم فيتوضأ ويدخل مصلاه فيصلى ورده كما كان يصلى قبل ذلك ثم يخرج فلا يرى الصبح فينكر ذلك ويظن فيه الظنون من الشر ثم يقول فلعلي خففت قراءتي أو قصرت صلاتي أو قمت قبل حيني قال ثم يعود أيضا فيصلى ورده كمثل ورده الليلة الثانية ثم يخرج فلا يرى الصبح فيزيده ذلك إنكارا ويخالطه الخوف ويظن في ذلك الظنون من الشر ثم يقول فلعلي خففت قراءتي أو قصرت صلاتي أو قمت من أول الليل ثم يعود أيضا الثالثة وهو وجل مشفق لما يتوقع من هول تلك الليلة فيصلى أيضا مثل ورده الليلة الثالثة ثم يخرج فإذا هو بالليل مكانه والنجوم قد استدارت وصارت إلى مكانها من أول الليل فيشفق عند ذلك شفقة الخائف العارف بما كان يتوقع من هول تلك الليلة فيستلحمه الخوف ويستخفه البكاء ثم ينادى بعضهم بعضا وقبل ذلك كانوا يتعارفون ويتواصلون فيجتمع المتهجدون من أهل كل بلدة إلى مسجد من مساجدها ويجأرون إلى الله عز وجل بالبكاء والصراخ بقية تلك الليلة والغافلون في غفلتهم حتى إذا ماتم لهما مقدار ثلاث ليال للشمس وللقمر ليلتين أتاهما جبرائيل فيقول إن الرب عز وجل يأمركما أن ترجعا إلى مغاربكما فتطلعا منها لأنه لا ضوء لكما عندنا ولا نور قال فيبكيان عند ذلك بكاء يسمعه أهل سبع سماوات من
(٤٩)