إليك لا هب لك غلاما زكيا قالت انى أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا وهى تحسبه رجلا من بني آدم فقال إنما أنا رسول ربك قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا قال كذلك قال ربك هو على هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا أي ان الله قد قضى ان ذلك كائن فلما قال ذلك استسلمت لقضاء الله فنفخ في جيبها ثم انصرف عنها وملأت قلتها * فحدثني محمد ابن سهل بن عسكر البخاري قال حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال حدثني عبد الصمد بن معقل ابن أخي وهب قال سمعت وهبا قال لما أرسل الله عز وجل جبريل إلى مريم تمثل لها بشرا سويا فقالت انى أعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا ثم نفخ في جيب درعها حتى وصلت النفخة إلى الرحم واشتملت على عيسى قال وكان معها ذو قرابة لها يقال له يوسف النجار وكانا منطلقين إلى المسجد الذي عند جبل صهيون وكان ذلك المسجد يومئذ من أعظم مساجدهم وكانت مريم ويوسف يخدمان في ذلك المسجد في ذلك الزمان وكان لخدمته فضل عظيم فرغبا في ذلك فكانا يليان معالجته بأنفسهما وتجميره وكناسته وطهوره وكل عمل يعمل فيه فكان لا يعلم من أهل زمانهما أحد أشد اجتهادا وعبادة منهما وكان أول من أنكر حمل مريم صاحبها يوسف فلما رأى الذي بها استعظمه وعظم عليه وفظع به ولم يدر على ماذا يضع امرها فإذا أراد يوسف ان يتهمها ذكر صلاحها وبراءتها وانها لم تغب عنه ساعة قط وإذا أراد ان يبرئها رأى الذي ظهر بها فلما اشتد عليه ذلك كلمها فكان أول كلامه إياها ان قال لها انه قد وقع في نفسي من امرك أمر قد حرصت على أن أميته واكتمه في نفسي فغلبني ذلك فرأيت أن الكلام فيه أشفى لصدري قالت فقل قولا جميلا قال ما كنت لا قول الا ذلك فحدثيني هل ينبت زرع بغير بذر قالت نعم قال فهل تنبت شجرة من غير غيث يصيبها قالت نعم قال فهل يكون ولد من غير ذكر قالت نعم ألم تعلم أن الله انبت الزرع يوم خلقه من غير بذر والبذر انما كان من الزرع الذي انبته الله من غير بذر أولم تعلم أن الله أنبت الشجر من غير غيث وأنه جعل بتلك القدرة
(٤٢٥)