أهل الحيرة ممن أخذتم العربي، فقالوا من أهل الأنبار. ويقال: ان الله تبارك تعالى أنطق إسماعيل بالعربية المبينة، وهو ابن أربع وعشرين سنة.
قال محمد بن إسحاق: فاما الذي يقارب الحق وتكاد النفس تقبله فذكر الثقة، ان الكلام العربي بلغة حمير وطسم وجديس وارم وحويل. فهؤلاء (1) هم العرب العاربة. وان إسماعيل لما حصل في الحرم ونشأ وكبر، تزوج في جرهم، إلى (2) معاوية بن مضاض الجرهمي، فهم أخوال ولده، فعلم (3) كلامهم. ولم يزل ولد إسماعيل على مر الزمان يشتقون الكلام بعضه من بعض، ويضعون (4) للأشياء أسماء كثيرة، بحسب حدوث الأشياء الموجودات وظهورها. فلما اتسع الكلام، ظهر الشعر الجيد الفصيح في العدنانية وكثر هذا بعد معد بن عدنان. ولكل قبيلة من قبايل العرب لغة تنفرد (5) بها ويؤخذ عنها وقد اشتركوا في الأصل. قال: وان الزيادة في اللغة، امتنع العرب منها مذ بعث الله نبيه عليه السلام (6) لأجل القرآن. ومما يصدق ذلك، روى مكحول عن رجاله ان أول من وضع الكتاب العربي، نفيس ونصر وتيما ودومة، هؤلاء ولد إسماعيل، وضعوه مفصلا، وفرقه قادور (و) نبت (7) بن هميسع بن قادور. قال: وان نفرا من أهل الأنبار، من أياد القديمة وضعوا حروف، الف. ب. ت. ث. وعنه اخذته العرب. (8) قرأت في كتاب مكة لعمر بن شبه وبخطه، أخبرني قوم من علماء مضر، قالوا الذي كتب هذا العربي الجزم (9)، رجل من بنى يخلد (10) بن النضر بن كنانه، فكتبت حينئذ العرب. وعن غيره، الذي حمل الكتابة إلى قريش بمكة، أبو قيس بن عبد مناف بن زهره، وقد قيل حرب بن أمية. وقيل إنه لما هدمت الكعبة قريش وجدوا في ركن من أركانها حجرا مكتوبا فيه، السلف بن عبقر يقرأ على ربه السلام، من رأس ثلاثة آلاف سنة. وكان في خزانة المأمون كتاب بخط عبد المطلب بن هاشم، في جلد ادم فيه ذكر حق عبد المطلب بن هاشم من أهل مكة، على فلان بن فلان الحميري، من أهل وزل صنعاء، عليه ألف درهم فضة كيلا بالحديدة. ومتى دعاه بها أجابه، شهد الله والملكان. قال: وكان الخط يشبه (11) خط النساء. ومن كتاب العرب، أسيد بن أبي العيص، أصيب في حجر بمسجد السور عند قبر المريين، وقد حسم السيل عن الأرض، فيه، انا أسيد بن أبي العيص، ترحم الله على بنى عبد مناف.
لم سميت العرب بهذا الاسم من خط ابن أبي سعد. ذكروا ان إبراهيم (عليه السلام) نظر إلى ولد إسماعيل مع أخوالهم من جرهم، فقال له يا إسماعيل ما هؤلاء، فقال: بنى وأخوالهم من جرهم، فقال له إبراهيم باللسان الذي كان يتكلم به، وهو السريانية القديمة. أعرب له، يقول أخلطهم بهم (12). والله أعلم.
الكلام على القلم الحميري زعم الثقة انه سمع مشايخ أهل اليمن يقولون: ان حمير كانت تكتب بالمسند على خلاف اشكال الف وباء وتاء. ورأيت انا جزءا من خزانة المأمون ترجمته، ما أمر بنسخه أمير المؤمنين المأمون عبد الله أكرمه الله من التراجم.
وكان في جملته القلم الحميري. فأثبت مثاله على ما كان في النسخة.