لا يجبر الناس على ترك مذاهبهم. فقال المأمون: أجل. وكان أنزله بناحية المحرم، ووكل به حفظة، خوفا عليه من الغوغاء وكان فصيحا لسنا.
ومن رؤسائهم في وقتنا هذا انتقلت الرياسة إلى سمرقند، وصاروا يعقدونها ثم، بعد أن كانت لا تتم الا ببابل. وصاحبهم ثم في وقتنا هذا..
الديصانية (انما سمى صاحبهم بديصان باسم نهر ولد عليه. وهو قبل ماني. والمذهبان قريب بعضها من بعض وانما بينهما خلف في اختلاط النور بالظلمة. فان الديصانية اختلفت في ذلك على فرقتين، فرقة زعمت أن النور خالط الظلمة باختيار منه، ليصلحها فلما حصل فيها ورام الخروج عنها، امتنع ذلك عليه. وفرقة زعمت أن النور أراد ان يرفع الظلمة عنه لما أحس بخشونتها ونتنها، شابكها بغير اختياره، ومثال ذلك.
ان الانسان إذا أراد ان يرفع عنه شيئا ذا شظايا محددة دخلت فيه، فكلما دفعها ازدادت ولوجا فيه. وزعم ابن ديصان، ان النور جنس واحد. والظلمة جنس واحد. وزعم بعض الديصانية، ان الظلمة أصل النور، وذكر ان النور حي، حساس، عالم. وان الظلمة بضد ذلك، عامية، غير حاسة ولا عالمة، فتكارها.
وأصحاب ابن ديصان بنواحي البطائح كانوا قديما، وبالصين وخراسان أمم منهم متفرقون. لا يعرف لهم مجمع ولا بيعة. والمنانية كثير جدا. ولابن ديصان، كتاب النور والظلمة. كتاب روحانية الحق. كتاب المتحرك والجماد. وله كتب كثيرة. ولرؤساء المذهب في ذلك أيضا كتب ولم تقع إلينا).
المرقيونية (أصحاب مرقيون، وهم قبل الديصانية. وهم طائفة من النصارى أقرب من المنانية والديصانية.
وزعمت المرقيونية ان الأصلين القديمين، النور والظلمة. وان هاهنا كونا ثالثا مزجها وخالطها. وقالت بتنزيه الله عز وجل عن الشرور. وان خلق جميع الأشياء كلها لا يخلو من ضرر وهو مجل عن ذلك.
واختلفوا في الكون الثالث، ما هو، فقالت منهم طائفة، هو الحياة وهو عيسى. وزعمت طائفة ان عيسى رسول ذلك الكون الثالث. وهو الصانع للأشياء بأمره وقدرته. الا انهم اجمعوا على أن العالم محدث. وان الصنعة بينة فيه. ولا يشكون في ذلك. وزعمت أن من جانب الزهومات، والمسكر وصلى لله دهره، وصام ابدا أفلت من حبائل الشيطان. والحكايات عنه مختلفة كثيرة الاضطراب. وللمرقيونية. كتاب يختصون به.
يكتبون به ديانتهم. ولمرقيون كتاب إنجيل، سماه..) (1) ولأصحابه عدة كتب غير موجودة الا حيث يعلم الله وهم يتسترون بالنصرانية، وهم بخراسان كثير، وأمرهم ظاهر كظهور المنانية.
الماهانية طائفة من المرقيونية، يخالفونهم في شئ ويوافقونهم في شئ، وفيما يوافقون المرقيونية في جميع الأحوال الا في النكاح والذبائح. ويزعمون ان المعدل بين النور والظلمة هو المسيح. ولا يعرف من أمرهم غير هذا.