وأدهم يسفر عن ضده * كما سفر الليل إذ ودعا بعثت إليك به أخرسا * يناجى العيون بما استودعا صموت إذا زر جلبابه * لبيب فان حله امتعا تحيز أنواره جامع (1) * يروح ويغدو له مجمعا تلاقى النفوس سرورا به * وتلقى الهموم به مصرعا فلا تعدلن به نزهة * فقد حاز ما تبتغى أجمعا وأنشدني أبو بكر الزهيري (2)، لابن طباطبا في الدفاتر:
لله اخوان أفادوا مفخرا * فبوصلهم ووفائهم أتكثر هم ناطقون بغير السنة ترى * هم فاحصون عن السرائر تضمر إن ابغ من عرب ومن عجم معا * علما مضى فيه الدفاتر تخبر حتى كأني شاهد لزمانها * ولقد مضت من دون ذلك أعصر خطباء إن أبغ الخطابة يرتقوا * كفى (و) كفى للدفاتر منبر كم قد بلوت به الرجال وانما * عقل الفتى بكتاب علم يسبر كم قد هزمت به جليسا مبرما * لا يستطيع له الهزيمة عسكر قال محمد بن إسحاق: قد استقصيت هذا المعنى وغيره مما يجانسه، في مقالة الكتابة وأدواتها من الكتاب الذي ألفته في الأوصاف والتشبيهات.
الكلام على القلم السرياني ذكر تيادورس (3) المفسر، في تفسيره للسفر الأول من التوراة. ان الله تبارك وتعالى خاطب آدم باللسان النبطي وهو أفصح اللسان السرياني (4)، وبه كان يتكلم أهل بابل. فلما بلبل الله الألسنة تفرقت الأمم إلى الأصقاع والمواضع وتبقى لسان بابل على حاله. فاما النبطي الذي يتكلم به أهل القرى، فهو سرياني مكسور غير مستقيم اللفظ.
وقال غيره: اللسان الذي يستعمل في الكتب والقراءة وهو الفصيح، فلسان أهل سوريا وحران. والخط السرياني، استخرجه العلماء واصطلحوا عليه وكذلك سائر الكتابات. وقال آخر: ان في أحد الأناجيل أو في غيره من كتب النصارى، ان ملكا يقال له سيمورس، علم آدم الكتابة السريانية على ما في أيدي النصارى في وقتنا هذا. و للسوريانيين ثلاثة أقلام وهي، المفتوح، ويسمى أسطر نجالا وهو اجلها وأحسنها ويقال له الخط الثقيل. ونظيره قلم المصاحف والتحرير. المحقق (5)، ويسمى اسكولثيا (6) ويقال له الشكل المدور، ونظيره قلم الوراقين. والسرطا، وبه يكتبون الترسل ونظيره في العربية، قلم الرقاع. وهذا مثال الخط السرياني..... (7)