كلام في فضائل الخط ومدح الكلام العربي قال سهل بن هارون صاحب بيت الحكمة ويعرف بابن راهيون الكاتب. عدد حروف العربية ثمانية وعشرون حرفا على عدد منازل القمر وغاية ما تبلغ الكلمة منها مع زيادتها سبعة أحرف على عدد النجوم السبعة.
قال: وحروف الزوائد اثنا عشر حرفا على عدد البروج الاثني عشر. قال: ومن الحروف ما يندغم (1) مع لام التعريف، وهي أربعة عشر حرفا، مثل منازل القمر المستترة تحت الأرض، وأربعة عشر حرفا ظاهرة (و) لا تندغم (2) مثل بقية المنازل الظاهرة. وجعل الاعراب ثلاث حركات، الرفع والنصب والخفض. لان الحركات الطبيعية ثلاث حركات. حركة من الوسط كحركة النار، وحركة إلى الوسط كحركة الأرض، وحركة على الوسط كحركة الفلك. وهذه اتفاق طريف وتأول ظريف. وقال الكندي: لا اعلم كتابة تحتمل من تجليل حروفها وتدقيقها ما تحتمل الكتاب العربية ويمكن فيها من السرعة ما لا يمكن في غيرها من الكتابات. وقال أفلاطون: الخط عقال العقل. وقال أقليدس: الخط هندسة روحانية وان ظهرت بآلة جسمانية. وقال أبو دلف: الخط رياض العلوم.
وقال النظام: الخط أصيل في الروح وان ظهرت بحواس البدن.
كلام في قبح الخط يقال ردائة الخط أحد (3) الزمانتين. وقيل ردائة الخط زمانة الأدب. وقيل الخط الردى جدب الأدب.
كلام في فضائل الكتب قيل لسقراط، اما تخاف على عينيك من إدامة النظر في الكتب، فقال: إذا سلمت البصيرة لم أحفل بسقام البصر. وقال مهنود: لولا ما عقدته الكتب من تجارب الأولين، لا نحل مع النسيان عقود الآخرين. وقال بوذرجمهر: الكتب أصداف الحكم تنشق عن جواهر الشيم. وقال آخر: هذه العلوم فوارد فاجعلوا الكتب لها نظاما وهذه الأبيات شوارد فاجعلوا الكتب لها زماما.
ولكلثوم بن عمرو العتابي:
لنا ندماء ما يمل (4) حديثهم * أمينون مأمونون غيبا ومشهدا يفيدوننا من علمهم علم ما مضى * ورأيا وتأديبا وأمرا مسددا بلا علة نخشى ولا خوف ريبة * ولا نتقي منهم بنانا ولا يدا فإن قلت هم احياء لست بكاذب * وان قلت هم موتى فلست مفندا وقال نطاحة واسمه أحمد بن إسماعيل ويكنى أبا على وسيمر ذكره، مستقصى في صفة الكتاب:
الكتاب هو المسامر الذي لا يبتدئك في حال شغلك، ولا يدعوك في وقت نشاطك، ولا يحوجك إلى التجمل له، والكتاب هو الجليس الذي لا يطريك، والصديق الذي لا يغريك، والرفيق الذي لا يملك، والناصح الذي لا يستزيدك (5). وأنشدني السرى بن أحمد الكندي لنفسه، قال كتبت على ظهر جزء أهديته إلى صديق لي وجلدته بجلد اسود: