محاربة ابن هبيرة، فوجهه، وكتب إلى الحسن بن قحطبة يعلمه أن العسكر عسكره، و [أنه] أحب أن يكون أخوه المتولي للأمر.
فلما وافى أبو جعفر واسطا تحول الحسن بن قحطبة عن سرداقه، وخلاه بما فيه له، فنزله أبو جعفر بحريمه وحشمه.
وكتب أبو جعفر إلى قواد يزيد بن عمر وأشراف من العرب، يستميلهم بالأطماع، وينبههم على حظوظهم، ويعرفهم انصرام دولة بني أمية، فأجابوه جميعا.
وكان أول من أجابه وانحرف إليه زياد بن صالح الحارثي، وكان عامل ابن هبيرة على الكوفة، وأخص أصحابه عنده، وقد كان ابن هبيرة ولاه حراسة مدينته بالليل، ودفع إليه مفاتيح أبوابها.
* * * قال الهيثم: فحدثني أبي، قال: لما هم زياد باللحوق بأبي جعفر أرسل إلى، وكان وصي أبي، فكنت أدعوه أبا وعما، وقد كان رسوله أتاني عند اختلاط الظلام، يأمرني بالمصير إليه، فأتيته، فخلا بي، وقال:
(يا ابن أخي، إنك لست ممن أكتمه شيئا، وقد أتاني كتاب أبي جعفر، يدعوني إلى اللحوق به، ويبذل لي على ذلك منزلة سنية، وأعلم في كتابه أنه راع للخئولة وكانت أم أبي العباس حارثيه -.
قال والدي: (فقلت له، يا عم، إن لابن هبيرة أيادي جميلة، و أكره لك الغدر به).
فقال: (يا ابن أخي، أنا من أشكر الناس له، غير أني لا أرى أن أقيم على ملك، قد انقضت قواه، ووهت عراه، وأنا لابن هبيرة اليوم عند أبي جعفر أنفع مني له هاهنا، وأرجو أن يصلح الله أمره بي وعلى يدي، فأقم عندي إلى وقت خروجي لأسلم لك المفاتيح).
فأقمت عنده.
فلما مضى ثلث الليل أمر غلمانه، فحملوا أثقاله، وأسرجوا دوابه، ثم ركب،