أبي سلمة الداعي، فأخبره بفصول ابن هبيرة نحوه، وتخوفه أن لا يقوى بكثرة جموعه.
فقال له أبو سلمة: إنه قد كان منك من الدعاء إلى الإمام أبي العباس ما لا ينساه لك، فلا تفسد ذلك بقتلك نفسك، ومن معك، ودع الكوفة، فإنها في يديك، وسر بمن معك حتى تنضم إلى قحطبة.
قال محمد: لست بخارج من الكوفة حتى أبلي عذرا في محاربة ابن هبيرة.
فاستعد بمن كان معه بالكوفة من اليمن وربيعة، وسار مستقبلا لابن هبيرة حتى التقى.
فنادى محمد بن خالد من كان مع ابن هبيرة من قومه: (تبا لكم، أنسيتم قتل أبي خالد، وتحامل بني أمية عليكم، ومنعهم إياكم أعطياتكم؟ يا بني عم، قد أزال الله ملك بني أمية، وأدال منهم، فانضموا إلى ابن عمكم، فإن هذا قحطبة بحلوان في جموع أهل خراسان، وقد قتل مروان، فلم تقتلون أنفسكم؟
وإن الأمير قحطبة قد ولاني الكوفة، وهذا عهدي عليها، فليكن لكم أثر في هذه الدولة).
فلما سمعوا ذلك مالوا إليه جميعا، ولم يلق مع ابن هبيرة إلا قيس وتميم.
فلما رأى ذلك ولى منهزما بمن معه حتى وافى واسط، ووجه في نقل الميرة (1) إليها ، واستعد للحصار.
وانصرف محمد بن خالد إلى الكوفة، فخطب الناس، ودعا لأبي العباس، وأخذ بيعة أهل الكوفة.
وأقبل قحطبة من حلوان حتى وافى العراق، فنزل (دمما) (2) - وهي فيما بين بغداد والأنبار - وذلك قبل أن تبنى بغداد، وإنما كانت قرية، يقوم بها سوق في كل شهر مرة، فأقام معسكرا بها.