فأتاه كتاب أبي مسلم، يأمره أن يوجه أبا عون العكي في ثلاثين ألف فارس من إبطال جنوده إلى مروان بن محمد بالزابين، فيحاربه، ويسير هو في بقية الجنود إلى واسط، فيحارب يزيد بن عمر، ليشغله عن توجيه المدد إلى مروان.
ففعل قحطبة ذلك.
* * * وبلغ مروان فصول أبي عون إليه بالجيوش من حلوان فاستقبله، فالتقيا بشهرزور، فاقتتلوا، فانهزم أهل الشام حتى صاروا إلى مدينة حران.
قال الهيثم: فحدثني إسماعيل بن عبد الله القسري، أخو خالد بن عبد الله قال:
(دعاني مروان عند وصوله إلى حران، وكنت أخص الناس عنده، فقال لي:
(يا أبا هاشم) - وما كناني قبل ذلك -. فقلت: (لبيك يا أمير المؤمنين).
قال: (ترى ما قد نزل من الأمر، وأنت الموثوق برأيه، فما ترى؟).
قلت: (وعلام أجمعت يا أمير المؤمنين؟).
قال: (أجمعت على أن ارتحل بأهلي، وولدي، وخاصة أهل بيتي، ومن اتبعني من أصحابي حتى أقطع الدرب، وأصير إلى ملك الروم، فاستوثق منه بالأمان، ولا يزال يأتيني الخائف من أهل بيتي وجنودي حتى يكثف أمري، وأصيب قوة على محاربة عدوي).
قال إسماعيل: وذلك، والله، كان الرأي له عندي، غير أني ذكرت سوء أثره في قومي، ومعاداته إياهم، وتحامله عليهم، فصرفت الرأي عنه.
وقلت له: (يا أمير المؤمنين، أعيذك بالله، أن تحكم أهل الشرك في نفسك وحرمك، لأن الروم لا وفاء لهم).
قال: فما الرأي عندك؟
قلت: الرأي أن تقطع الفرات، وتستقري مدن الشام، مدينة مدينة، فإن لك بكل مدينة صنائع ونصحاء، وتضمهم جميعا إليك، وتسير حتى تنزل ببلاد مصر، فهي أكثر أهل الأرض مالا، وخيلا، ورجالا، فتجعل الشام أمامك،