أما بعد، فإن الحجاج قال لي نكرا، وأسمعني هجرا، ولم أكن لذلك أهلا، فخذ على يديه، وأعدني عليه، والسلام). فلما قرأ عبد الملك كتاب أنس استشاط غضبا، ثم كتب إليه . (هيه يا ابن يوسف، أردت أن تعلم رأي أمير المؤمنين في أنس، فإن سوغك مضيت قدما، وإن لم يسوغك رجعت القهقرى، يا ابن المستفرمة بعجم الزبيب (1)، أنسيت مكاسب آبائك بالطائف في حفر الآبار وسد السكور (2)، وحمل الصخور على الظهور؟ أبلغ من جرأتك على أمير المؤمنين أن تعنت بأنس ابن مالك، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ست سنين، يطلعه على سره، ويفشي إليه الأخبار التي كانت تأتيه عن ربه؟ فإذا أتاك كتابي هذا فامش إليه على قدميك حتى تأخذ كتابه إلي بالرضى، والسلام).
فلما وصل كتاب عبد الملك إلى الحجاج قال لمن حوله من أصحابه: قوموا بنا إلى أبي حمزة. فقام ماشيا.
ومضى معه أصحابه حتى أتى أنسا، فأقرأه كتاب عبد الملك إليه.
فقال أنس: جزى الله أمير المؤمنين خيرا، كذلك كان رجائي فيه.
قال له الحجاج: فإن لك العتبي، وأنا صائر إلى مسرتك، فاكتب إلى أمير المؤمنين بالرضى.
فكتب إليه أنس بالرضى عنه.
ودفعه إلى الحجاج، فأنفذه الحجاج على البريد إلى عبد الملك.
[نهاية عبد الملك بن مروان] قالوا: ولما حضرت عبد الملك الوفاة، وذلك في سنة ست وثمانين أخذ البيعة