فأنشأ عبد الرحمن يقول:
منخرق الخفين يشكو الوجى * تنكئه أطراف مرو حداد (1) أخرجه الخذلان عن أرضه * كذلك من يكره حر الجلاد إن كان في الموت له راحة * فالموت حتم في رقاب العباد فقال الرجل:
- فهلا ثبت، فنقاتل معك.
فقال له عبد الرحمن:
- أو بمثلك تسد الثغور؟!.
ومضى عبد الرحمن حتى استجار بملك الأتراك، فأقام عنده.
فكتب عبد الملك إلى ملك الأتراك، يخبره بشقاق عبد الرحمن، وخلعه الطاعة، وخروجه عليه، و يسأله أن يرده عليه.
فقال ملك الأتراك لطراخنته (2):
- إن ابن الأشعث هذا رجل مخالف للملوك، فلا ينبغي لي أن آويه، بل أبعث به إلى ملكه، فيتولى من أمره ما أحب.
فوجه به مع مائة رجل من ثقاته، فأنزلوه في طريقه قصرا في قرية، فرقى إلى ظهر القصر، ورمى بنفسه من السور، فمات.
وإن أيوب بن القرية أسر فيمن أسر من أصحاب عبد الرحمن، فأدخل به على الحجاج.
فلما أدخل عليه، قال له:
- يا عدو الله، بعثتك رسولا إلى عبد الرحمن، فتركت ما بعثت له، وصرت وزيرا ومشيرا، تصدر له الكتب، وتسجع له الكلام، وتدبر له الأمور.