فلما أصبحوا نظر إبراهيم بن الأشتر، فإذا القوم الذين اتهمهم قد ساروا تلك الليلة، فلحقوا بعبد الملك بن مروان، فقال لمصعب:
- كيف رأيت رأيي؟.
ثم زحف بعضهم إلى بعض، فاقتتلوا، فاعتزلت ربيعة، وكانوا في ميمنة مصعب، وقالوا لمصعب: لا نكون معك ولا عليك.
وثبت مع مصعب أهل الحفاظ، فقاتلوا، وإمامهم إبراهيم بن الأشتر، فقتل إبراهيم.
فلما رأى مصعب ذلك، استمات، فترجل، وترجل معه حماة أصحابه، فقاتلوا حتى قتل عامتهم، وانكشف الباقون عن مصعب.
فحمل عليه عبد الله بن ظبيان، فضربه من ورائه بالسيف، ولا يشعر به مصعب، فخر صريعا، فنزل وأجهز عليه، واحتز رأسه.
فأتي به عبد الملك، فحزن عليه حزنا شديدا، وقال: متى تغدو قريش مثل مصعب؟ وددت لو أنه قبل الصلح، وإني قاسمته مالي.
ولما قتل مصعب بن الزبير استأمن من بقي من أصحابه إلى عبد الملك، فآمنهم.
فقال عبد الله بن قيس الرقيات:
لقد ورد المصرين خزي وذلة * قتيل بدير الجاثليق مقيم فما صبرت في الحرب بكر بن وائل * ولا ثبتت عند اللقاء تميم ولكنه ضاع الذمار فلم يكن * بها عربي عند ذاك كريم وكان قتل مصعب يوم الخميس للنصف من جمادى الأولى سنة اثنتين وسبعين (1).
فارتحل عبد الملك بالناس حتى دخل الكوفة، فدعاهم إلى البيعة، فبايعوه.
ثم جهز الجيوش إلى تهامة لمحاربة عبد الله بن الزبير، وولى الحرب قدامة ابن مطعون، وأمره بالمسير.
. انصرف عبد الملك إلى الشام.