ولما قتل نافع بن الأزرق اجتمعت الخوارج، فولوا على أنفسهم عبد الله ابن ماحور، وكان من نساكهم.
وبلغ ذلك المهلب، فسار من الأهواز في طلبهم حتى وافاهم بمدينة (سابور) من أرض فارس، فالتقوا، فاقتتلوا، وانهزمت الخوارج في آخر النهار حتى انتهوا إلى مكان يدعى (كركان) (2).
اتبعهم المهلب، فوافاهم، فالتقوا به في يوم شديد المطر، فقاتلهم، فهزمهم ، فأخذوا نحو كرمان (3).
فلم يزل المهلب يسير في طلبهم من بلد إلى بلد، ويواقعهم وقعة بعد وقعة طول ما ملك عبد الله بن الزبير إلى مقتله، وخلوص الأمر لعبد الملك بن مروان.
فلما استدف الأمر لعبد الملك، وولي الحجاج العراقين استبطأ المهلب في استئصال الخوارج، وظن أنه يهوى مطاولتهم، فبعث إليه عبد الأعلى بن عبد الله العامري، وعبد الرحمن بن سبرة، وقال لهما احملاه على مناجرة القوم وترك مطاولتهم).
فقدما عليه، فأخبراه بما بعثا له، فقال لهما:
(أقيما حتى تعاينا ما نحن فيه، فإن الحجاج أتاه السماع فقبله، وأتاه العيان فرده، وقد حملني على خلاف الرأي، وزعم أنه الشاهد وأنا الغائب) ثم سار نحو الخوارج فلحقهم بأداني أرض كرمان، فواقعهم، وأمامه ابنه المفضل، فقتل رئيس الخوارج عبد الله بن ماحور، وانهزموا حتى توسطوا أرض كرمان، وولوا على أنفسهم رجلا من نساكهم، يسمى (قطري بن الفجاءة).
ثم إن المهلب انصرف إلى بلد سابور، فوافاهم يوم النحر، فخرج بالناس إلى المصلى.