قال: (لأني رأيت عليك سيما الخير، فرجوت أن تكون ممن يتولى أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم).
قال له الرجل: (ويحك، قد وقعت على بعينك، أنا رجل من إخوانك، واسمي مسلم بن عوسجة، وقد سررت بك، وساءني ما كان من حسي قبلك، فإني رجل من شيعة أهل هذا البيت، خوفا من هذا الطاغية ابن زياد، فأعطني ذمة الله وعهده أن تكتم هذا عن جميع الناس).
فأعطاه من ذلك ما أراد.
فقال له مسلم بن عوسجة: (انصرف يومك هذا، فإن كان غد فائتني في منزلي حتى أنطلق معك إلى صاحبنا - يعني مسلم بن عقيل - فأوصلك إليه).
فمضى الشامي، فبات ليلته، فلما أصبح غدا إلى مسلم بن عوسجة في منزله، فانطلق به حتى أدخله إلى مسلم بن عقيل، فأخبره بأمره، ودفع إليه الشامي ذلك المال، وبايعه.
فكان الشامي يغدو إلى مسلم بن عقيل، فلا يحجب عنه، فيكون نهاره كله عند، فيتعرف جميع أخبارهم، فإذا أمسى وأظلم عليه الليل دخل على عبيد الله ابن زياد، فأخبره بجميع قصصهم، وما قالوا وفعلوا في ذلك، وأعلمه نزول مسلم في دار هانئ بن عروة.
* * * ثم إن محمد بن الأشعث وأسماء بن خارجة دخلا على ابن زياد مسلمين، فقال لهما:
(ما فعل هانئ بن عروة؟).
فقالا: (أيها الأمير، إنه عليل منذ أيام).
فقال ابن زياد: (وكيف؟ وقد بلغني أنه يجلس على باب داره عامة نهاره، فما يمنعه من إتياننا، وما يجب عليه من حق التسليم؟).
قالا: (سنعلمه ذلك، ونخبره باستبطائك إياه).