ومرض شريك بن الأعور في منزل هانئ بن عروة مرضا شديدا، وبلغ ذلك عبيد الله بن زياد، فأرسل إليه يعلمه أنه يأتيه عائدا.
فقال شريك لمسلم بن عقيل: (إنما غايتك وغاية شيعتك هلاك هذا الطاغية، وقد أمكنك الله منه، هو صائر إلى ليعودني، فقم، فادخل الخزانة حتى إذا اطمأن عندي، فاخرج إليه، فقاتله، ثم صر إلى قصر الإمارة، فاجلس فيه، فإنه لا ينازعك فيه أحد من الناس، وإن رزقني الله العافية صرت إلى البصرة، فكفيتك أمرها، وبايع لك أهلها).
فقال هانئ بن عروة: (ما أحب أن يقتل في داري ابن زياد).
فقال له شريك: (ولم؟ فوالله إن قتله لقربان إلى الله).
ثم قال شريك لمسلم: (لا تقصر في ذلك).
فبينما هم على ذلك إذ قيل لهم: (الأمير بالباب).
فدخل مسلم بن عقيل الخزانة، ودخل عبيد الله بن زياد على شريك، فسلم عليه، وقال:
(ما الذي تجد وتشكو؟).
فلما طال سؤاله إياه استبطأ شريك خروج مسلم، وجعل يقول، ويسمع مسلما:
ما تنظرون بسلمى عند فرصتها * فقد وفى ودها، واستوسق الصرم (1) وجعل يردد ذلك.
فقال ابن زياد لهانئ: (أيهجر؟) - يعني يهذي -. قال هانئ: (نعم، أصلح الله الأمير، لم يزل هكذا منذ أصبح).
ثم قام عبيد الله وخرج، فخرج مسلم بن عقيل من الخزانة، فقال شريك:
(ما الذي منعك منه إلا الجبن والفشل؟).