عاصيكم ومريبكم، وأنا منته في ذلك إلى أمره، وأنا لمطيعكم كالوالد الشفيق، ولمخالفكم كالسم النقيع، فلا يبقين أحد منكم إلا على نفسه).
ثم نزل، فأتى القصر، فنزله، وارتحل النعمان بن بشير نحو وطنه بالشام.
وبلغ مسلم بن عقيل قدوم عبيد الله بن زياد وانصراف النعمان، وما كان من خطبة ابن زياد ووعيده، فخاف على نفسه.
فخرج من الدار التي كان فيها بعد عتمة حتى أتى دار هانئ بن ورقة المذحجي، وكان من أشراف أهل الكوفة، فدخل داره الخارجة، فأرسل إليه وكان في دار نسائه، يسأله الخروج إليه، فخرج إليه.
وقام مسلم، فسلم عليه، وقال:
(إني أتيتك لتجيرني وتضيفني).
فقال له هانئ:
(لقد كلفتني شططا بهذا الأمر، ولولا دخولك منزلي لأحببت أن تنصرف عني، غير أنه قد لزمني ذمام لذلك).
فأدخله دار نسائه، وأفرد له ناحية منها.
وجعلت الشيعة تختلف إليه في دار هانئ.
وكان هانئ بن عروة مواصلا لشريك بن الأعور البصري الذي قام مع ابن زياد، وكان ذا شرف بالبصرة وخطر، فانطلق هانئ إليه حتى أتى به منزله، وأنزله مع مسلم بن عقيل في الحجرة التي كان فيها.
وكان شريك من كبار الشيعة بالبصرة، فكان يحث هانئا على القيام بأمر مسلم، وجعل مسلم يبايع من أتاه من أهل الكوفة، ويأخذ عليهم العهود والمواثيق المؤكدة بالوفاء.
* * *