أردبيل، وسماها باذ فيروز، ثم استعد وتأهب لغزو الترك، وأخرج معه الموبذ وسائر وزرائه، وحمل معه ابنته فيروزدخت، وحمل معه خزائن وأموالا كثيرة، وخلف على ملكه رجلا من عظماء وزرائه، يسمى شوخر، وتدعى مرتبته قارن، وسار حتى جاوز المنارة التي كان بهرام بناها حدا بينه وبين الترك، وأخربها، ووغل في أرضهم.
وملك الأتراك يومئذ أخشوان خاقان، فأرسل ملك الترك إلى فيروز يعلمه أنه قد تعدى، ويحذره عاقبة الظلم، فلم يحفل فيروز بذلك، فجعل خاقان يظهر كراهة للحرب، ويدافع إلى أن هيأ خندقا، عمقه في الأرض عشرون ذراعا، وعرضه عشرة أذرع، وبعد ما بين طرفيه، ثم غماه بأعواد ضعاف، وألقى عليه قصبا، وأخفاه بالتراب، ثم خرج لمحاربة فيروز، فواقفه ساعة، ثم انهزم عنه . وطلبه فيروز في جنوده، فسلك خاقان مسالك قد فهمها بين ظهري ذلك الخندق، وعطف عليه أخشوان وطراخنته، فقتلوهم بالحجارة، واحتوى أخشوان على معسكر فيروز وكل ما كان فيه من الأموال والحرم، وأخذ الموبذ أسيرا، وأخذ فيروزدخت ابنة فيروز، ولحق الفل بشوخر، فأعلموه بمصاب فيروز وجنوده، فاستنهض شوخر الناس للطلب بثأر ملكهم، فخف له جميع الناس من الجنود وأهل البلاد، فسار في جموع كثيرة حتى وغل في بلاد الترك، وهاب أخشوان ملك الترك الإقدام على شوخر لكثرة جموعه وعدته، فأرسل إليه يسأله الموادعة على أن يرد عليه الموبذ وفيروز دخت وكل أسير في يده، وجميع ما أخذ من أموال فيروز وخزائنه وآلاته، فأجابه شوخر إلى ذلك، وقبضه، وانصرف إلى بلاده وأرضه.