قالوا: وأهديت لعبد الملك في ذلك اليوم جارية إفريقية، أهداها إليه موسى ابن نصير، عامله على أرض المغرب، وكانت من أجمل نساء دهرها، فباتت عنده تلك الليلة، فلم ينل منها شيئا أكثر من أن غمز كفها، وقال لها: إن دونك أمنية المتمني.
قالت: فما يمنعك؟
قال: يمنعني بيت مدحنا به، وهو:
قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم * دون النساء ولو باتت بأطهار فزعموا أنه مكث سبعة أشهر لا يقرب امرأة حتى أتاه قتل عبد الرحمن بن محمد.
ثم إن الحجاج بعث أيوب بن القرية إلى عبد الرحمن بن محمد، وقال:
انطلق، فادفعه إلى الطاعة، وله الأمان على ما سلف من ذنبه.
فانطلق إليه ابن القرية، فدعاه، فأبلغ في الدعاء، فقال له عبد الرحمن:
- ويحك يا ابن القرية، أيحل لك طاعته مع ارتكابه العظائم، واستحلاله المحارم؟ اتق الله يا ابن القرية، ووال عباد الله في البرية.
ولم يزل عبد الرحمن بابن القرية يختدعه حتى ترك ما أرسل فيه، وأقام مع عبد الرحمن، فقال له عبد الرحمن:
إني أريد أن أكتب إلى الحجاج كتابا مسجعا، اعرفه فيه سوء فعاله، وأبصره قبح سريرته، فأمله علي.
فقال أيوب: إن الحجاج يعرف ألفاظي.
قال: وما عليك، إني لأرجو أن نقتله عن قريب.
فأملى عليه، فكتب:
(بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الرحمن بن محمد، إلى الحجاج بن يوسف، سلام على أهل طاعة الله، الذين يحكمون بما أنزل الله، ولا يسفكون دما حراما، ولا يعطلون لله أحكاما، فإني أحمد الله الذي بعثني لمنازلتك، وقواني على محاربتك