وخرج ومعه حماة أصحابه، فقاتل القوم قتالا شديدا، وانهزم أصحابه، ومضى هو نحو القصر، وهو في حامية أصحابه، فدخل القصر من أصحابه ستة آلاف رجل، وبقي مع المختار نحو من ثلاثمائة رجل، فأخذ أصحاب مصعب عليه باب القصر، فلجأ المختار فيمن معه إلى حائط القصر، وأقبل يذمر أصحابه، ويحمل.
فلم يزل يقاتل حتى قتل أكثر من كان معه.
فحمل عليه أخوان من بني حنيفة من أصحاب المهلب، فضرباه بالسيف حتى سقط، وبادرا إليه، فاحتزا رأسه، فأتيا به مصعبا، فأعطاهما ثلاثين ألف درهم.
فقال سويد بن أبي كاهل يذكر قتل المختار:
يا ليت شعري متى تغدو مخيسة (1) * منا فتبلغ أهل الموسم الخبرا أنا جزرنا عن الكذاب هامته * من بعد طعن وضرب يكشف الخمرا ووجه مصعب برأس المختار إلى عبد الله بن الزبير مع عبد الله بن عبد الرحمن.
قال عبد الله: فوافيت مكة بعد العشاء الآخرة، فأتيت المسجد، وعبد الله ابن الزبير يصلي، قال: فجلست أنتظره، فلم يزل يصلي إلى وقت السحر، ثم انفتل من صلاته، فدنوت منه، فناولته كتاب الفتح، فقرأه، وناوله غلامه، وقال:
- أمسكه معك.
فقلت: يا أمير المؤمنين، هذا الرأس معي.
قال: فما تريد؟.
قلت: جائزتي.
قال: خذ الرأس الذي جئت به بجائزتك.
فتركته، وانصرفت.