وكتب معاوية إلى علي:
(بسم الله الرحمن الرحيم، من معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب، أما بعد، فإني أحسبك أن لو علمت وعلمنا، أن الحرب تبلغ بك وبنا ما بلغت لم نجنها على أنفسنا، فإنا وإن كنا قد غلبنا على عقولنا، فقد بقي لنا منها ما ينبغي أن نندم على ما مضى ونصلح ما بقي، فإنك لا ترجو من البقاء إلا ما أرجو، ولا أخاف من القتل إلا ما تخاف، وقد والله رقت الأجناد، وتفانى الرجال، ونحن بنو عبد مناف ليس لبعضنا على بعض فضل إلا ما يستذل به العزيز، ولا يسترق به الحر، والسلام.) فكتب إليه علي رضي الله عنه:
(بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فقد أتاني كتابك، تذكر أنك لو علمت وعلمنا أن الحرب تبلغ بك وبنا ما بلغت لم نجنها على أنفسنا، فاعلم أنك وإيانا منها إلى غاية لم نبلغها بعد، وأما استواؤنا في الخوف والرجاء، فإنك لست أمضى على الشك مني على اليقين، وليس أهل الشام بأحرص على الدنيا من أهل العراق على الآخرة، وأما قولك أنا بنو عبد مناف، وليس لبعضنا على بعض فضل، فليس كذلك، لأن أمية ليس كهاشم، ولا حربا كعبد المطلب، ولا أبا سفيان كأبي طالب، ولا المهاجر كالطليق، وفي أيدينا فضل النبوة التي بها قتلنا العزيز، ودان لنا بها الذليل). ثم إن عليا رضي الله عنه غلس بالصلاة صلاة الفجر، وزحف بجموعه نحو أهل الشام، فوقف الفريقان تحت راياتهم، وخرج الأشتر على فرس كميت ذنوب (1).
مقنعا بالحديد، وبيده الرمح، فحمل على أهل الشام، فاتبعه الناس، وكسر فيهم ثلاثة أرماح، واضطرب الناس بالسيوف وعمد الحديد، وبرز رجل من أهل الشام مقنعا بالحديد، ونادى: (يا أبا الحسن، ادن مني، أكلمك) فدنا منه علي