في خيل من أهل العراق، فخرج إليه أبو الأعور السلمي في مثل ذلك من أهل الشام فاقتتلوا (1) هويا من النهار، فترك عبد الله أصحابه يعتركون في مجالهم، وضرب فرسه حتى أحماه، ثم أرسله على أهل الشام، فشق جموعهم، لا يدنو منه أحد إلا ضربه بالسيف حتى انتهى إلى الرابية التي كان معاوية عليها، فقام أصحاب معاوية دونه، فقال معاوية: (ويحكم، إن الحديد لم يؤذن له في هذا، فعليكم بالحجارة) فرث بالصخر حتى مات، فأقبل معاوية حتى وقف عليه، فقال: (هذا كبش القوم) هذا كما قال الشاعر:
أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها * وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا كليث عرين بات يحمي عرينة * رمته المنايا قصدها فتقطرا قالوا: وكان فارس معاوية الذي يبتهي به حريث مولاه، وكان يلبس بزة معاوية، ويستلئم سلاحه، ويركب فرسه، ويحمل متشبها بمعاوية، فإذا حمل قال الناس: (هذا معاوية وقد كان معاوية نهاه عن علي، وقال (اجتنبه، وضع رمحك حيث شئت). فخلا به عمرو، وقال: (ما يمنعك من مبارزة علي ، وأنت له كفء؟)، قال: (نهاني مولاي عنه)، قال: (وإني والله لأرجو إن بارزته أن تقتله، فتذهب بشرف ذلك). فلم يزل يزين له ذلك حتى وقع في قلب حريث.
فلما أصبحوا خرج حريث حتى قام بين الصفين، وقال: (يا أبا الحسن، أبرز إلي، أنا حريث)، فخرج إليه علي، فضربه، فقتله.
وبعث علي يوما من تلك الأيام إلى معاوية: (لم نقتل الناس بيني وبينك؟
أبرز إلي، فأينا قتل صاحبه تولى الأمر). فقال معاوية لعمرو: (ما ترى؟) قال: (قد أنصفك الرجل، فأبرز إليه)، فقال معاوية: (أتخدعني عن نفسي، ولم أبرز إليه، ودوني عك والأشعرون). ثم قال: