فقال كعب بن جعيل:
أصبحت الأمة في أمر عجب * والملك مجموع غدا لمن غلب أقول قولا صادقا غير الكذب * أن غدا تهلك أعلام العرب واجتمع أهل الشام إلى معاوية، فعرضهم، فنادى مناديه: (أين الجند المقدم؟) فخرج أهل حمص تحت راياتهم، وعليهم أبو الأعور السلمي، ثم نادى: (أين أهل الأردن؟)، فخرجوا تحت راياتهم، وعليهم زفر بن الحارث الكلابي، ثم نادى: (أين جند الأمير؟) فجاء أهل دمشق تحت راياتهم، وعليهم الضحاك ابن قيس، فأطافوا بمعاوية، فعقد لعمرو بن العاص على جميع الناس، وساروا حتى وقفوا بإزاء أهل العراق.
وقعد معاوية على منبر ينظر منه فوق رابية إلى الفريقين إذا اقتتلوا، وأقبلت عك الشام، وقد عصبوا أنفسهم بالعمائم، وطرحوا بين أيديهم حجرا، وقالوا:
لا نولي الدبر أو يولي معنا هذا الحجر)، فصفهم عمرو خمسة صفوف، ووقف أمامهم يرتجز:
يا أيها الجيش الصليب الإيمان * قوموا قياما، فاستعينوا الرحمن (1) إني أتاني خبر فأبكان * إن عليا قتل ابن عفان ردوا علينا شيخنا كما كان وأنشأ رجل من أهل الشام يقول:
تبكي الكتيبة يوم جر حديدها * يوم الوغى جزعا على عثمانا يسلون حق الله لا يعدونه * وسألتم لعلي السلطانا فأتوا ببينة بما تسلونه * هذا البيان، فأحضروا البرهانا ولما أصبح علي رضي الله عنه غلس (2). بصلاة الفجر، ثم أمر أصحابه، فخرجوا