ولقائل أن يقول: وإن سلمنا تنفيذ الآحاد بطريق الرسالة، والقضاء وأخذ الزكوات، والفتوى، وتعليم الاحكام، فلا نسلم وقوع تنفيذ الآحاد بالاخبار التي هي مدارك الأحكام الشرعية ليجتهدوا فيها، وذلك محل النزاع.
سلمنا صحة التنفيد بالاخبار الدالة على الأحكام الشرعية، وتعريفهم إياها، ولكن لا نسلم أن ذلك يدل على كون خبر الواحد في ذلك حجة، بل جاز أن يكون ذلك لفائدة حصول العلم للمبعوث إليهم بما تواتر بضم خبر غير ذلك الواحد إليه.
ومع هذه الاحتمالات، فلا يثبت كون خبر الواحد حجة فيما نحن فيه.
وقد أورد على هذه الحجة سؤالان آخران لا وجه لهما:
الأول: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كما أنه كان ينفذ الآحاد لتبليغ الاخبار، كان ينفذهم لتعريف وحدانية الله تعالى، وتعريف الرسالة. فلو كان خبر الواحد حجة في الاخبار بالأحكام الشرعية، لكان حجة في تعريف التوحيد والرسالة، وهو خلاف الاجماع.
الثاني: أن من الجائز أن يكون تنفيذ الآحاد بالاخبار عن أحكام شرعية كانت معلومة للمبعوث لهم قبل إرسال ذلك الواحد بها، كما أنهم علموا وجوب العمل بخبر الواحد قبل إرسال ذلك الواحد إليهم على أصلكم.