المسألة الثامنة اتفقت الشافعية والحنابلة وأبو يوسف وأبو بكر الرازي من أصحاب أبي حنيفة، وأكثر الناس على قبول خبر الواحد فيما يوجب الحد، وفي كل ما يسقط بالشبهة، خلافا لأبي عبد الله البصري والكرخي. ودليل ذلك أنه يغلب على الظن، فوجب قبوله لقوله، صلى الله عليه وسلم: نحن نحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر ولأنه حكم يجوز إثباته بالظن، بدليل ثبوته بالشهادة، وبظاهر الكتاب، فجاز إثباته بخبر الواحد كسائر الاحكام الظنية، والمسألة ظنية، فكان الظن كافيا فيها. وسقوطه بالشبهة لو كان، لكان مانعا من الأعمال، والأصل عدم ذلك، وعلى من يدعيه بيانه.
فإن قيل: خبر الواحد مما يدخله احتمال الكذب، فكان ذلك شبهة في درء الحد، لقوله، صلى الله عليه وسلم ادرؤوا الحدود بالشبهات فهو باطل بإثباته بالشهادة، فإنها محتملة للكذب، ومع ذلك يثبت بها.