وإما عامة فيما لا يعقل، إما مطلقا من غير اختصاص بجنس مثل ما) في الجزاء، كقوله، على اليد ما أخذت حتى ترد، والاستفهام تقول: ماذا صنعت؟
وإما لا مطلقا، بل مختصة ببعض أجناس ما لا يعقل مثل (متى) في الزمان جزاء واستفهاما، و (أين) و (حيث) في المكان جزاء واستفهاما، تقول: متى جاء القوم، ومتى جئتني أكرمتك، وأين كنت، وأينما كنت أكرمتك.
وإذ أتينا على ما أردناه من بيان المقدمة، فلنشرع الآن في المسائل، وهي خمس وعشرون مسألة:
المسألة الأولى اتفق العلماء على أن العموم من عوارض الألفاظ حقيقة، واختلفوا في عروضه، حقيقة للمعاني: فنفاه الجمهور،، وأثبته الأقلون.
وقد احتج المثبتون بقولهم: الاطلاق شائع ذائع في لسان أهل اللغة بقولهم:
عم الملك الناس بالعطاء والانعام، وعمهم المطر والخصب والخير، وعمهم القحط.
وهذه الأمور من المعاني، لا من الألفاظ. والأصل في الاطلاق الحقيقة.
أجاب النافون بأن الاطلاق في مثل هذه المعاني مجاز لوجهين:
الأول: أنه لو كان حقيقة في المعاني، لاطرد في كل معنى، إذ هو لازم الحقيقة، وهو غير مطرد. ولهذا، فإنه لا يوصف شئ من الخاصة الواقعة في امتداد الإشارة إليها، كزيد وعمرو، بكونه عاما لا حقيقة ولا مجازا.
الثاني: أن من لوازم العام أن يكون متحدا، ومع اتحاده متناولا لأمور متعددة من جهة واحدة. والعطاء والانعام الخاص بكل واحد من الناس غير الخاص بالآخر، وكذلك المطر فإن كل جزء اختص منه بجزء من الأرض، لا وجود له بالنسبة إلى الجزء الآخر منها، وكذلك الكلام في الخصب والقحط، فلم يوجد من