المسألة التاسعة المقتضي، وهو ما أضمر ضرورة صدق المتكلم، لا عموم له، وذلك كما في قوله، صلى الله عليه وسلم: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه فإنه أخبر عن رفع الخطأ والنسيان، ويتعذر حمله على حقيقته، لافضائه إلى الكذب في كلام الرسول، ضرورة تحقق الخطأ والنسيان في حق الأمة، فلا بد من إضمار حكم يمكن نفيه، من الاحكام الدنيوية أو الأخروية، ضرورة صدقه في كلامه. وإذا كانت أحكام الخطأ والنسيان متعددة، فيمتنع إضمار الجميع، إذ الاضمار على خلاف الأصل، والمقصود حاصل بإضمار البعض، فوجب الاكتفاء به، ضرورة تقليل مخالفة الأصل.
فإن قيل: ما ذكرتموه إنما يصح أن لو لم يكن لفظ الرفع دالا على رفع جميع أحكام الخطأ والنسيان، وليس كذلك، وبيانه أن قوله: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان يدل على رفعهما، مستلزما لرفع أحكامها. فإذا تعذر العمل به في نفي الحقيقة، تعين العمل به في نفي الاحكام.
سلمنا أنه لا دلالة عليها وضعا، ولكن لم قلتم بأنه لا يدل عليها بعرف الاستعمال؟
ولهذا يقال ليس للبلد سلطان، وليس له ناظر ولا مدبر. والمراد به نفي الصفات.
سلمنا أنه لا يدل عليها بعرف الاستعمال، غير أن اللفظ دال على رفع الخطأ والنسيان.
فإذا تعذر ذلك، وجب إضمار جميع الأحكام لوجهين:
الأول أنه يجعل وجود الخطأ والنسيان كعدمه، والثاني أنه لا يخلو إما أن يقال بإضمار الكل أو البعض أو لا بإضمار شئ أصلا.
والقول بعدم الاضمار خلاف الاجماع، وليس إضمار البعض أولى من البعض، ضرورة تساوي نسبة اللفظ إلى الكل، فلم يبق سوى إضمار الجميع.
والجواب: عن الأول أن اللفظ إنما يستلزم نفي الاحكام بواسطة نفي حقيقة الخطأ والنسيان، فإذا لم يكن الخطأ والنسيان متيقنا، فلا يكون مستلزما لنفي الاحكام.