سلمنا عدم الدور، ولكن لا نسلم أن الصحابة عملوا بها، بل من الجائز أنهم عملوا بنصوص متواترة أو بها مع ما اقترن بها من المقاييس، أو قرائن الأحوال، أو غير ذلك من الأسباب.
سلمنا أنهم عملوا بها لا غير، لكن كل الصحابة أو بعضهم، الأول: ممنوع، ولا سبيل إلى الدلالة عليه، والثاني: مسلم، لكن لا حجة فيه.
قولكم لم يوجد له نكير، لا نسلم ذلك. وبيانه من وجوه منها رد أبي بكر خبر المغيرة في ميراث الجدة، حتى انضم إليه خبر محمد بن مسلمة.
ومنها رد أبي بكر وعمر خبر عثمان في إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في رد الحكم ابن أبي العاص.
ومنها رد عمر خبر أبي موسى الأشعري في الاستيذان، وهو قوله: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: إذا استأذن أحدكم على صاحبه ثلاثا فلم يؤذن له، فلينصرف حتى روى معه أبو سعيد الخدري.
ومنها رد علي، رضي الله عنه، خبر أبي سنان الأشجعي في المفوضة، وأنه كان لا يقبل خبر أحد، حتى يحلفه، سوى أبي بكر.
ومنها رد عائشة خبر ابن عمر في تعذيب الميت ببكاء أهله عليه.
سلمنا عدم الرد والانكار ظاهرا، غير أن سكوت الباقين عن الانكار لا يدل على الموافقة لما سبق في مسائل الاجماع.
سلمنا دلالة ذلك على الموافقة فيما تلقوه بالقبول، وعملوا بموجبه، أو مطلقا في كل خبر: الأول مسلم. وذلك، لان اتفاقهم عليه يدل على صحته قطعا، نفيا للخطأ عن الاجماع. والثاني ممنوع.
وعلى هذا فيمتنع الاستدلال بكل خبر لم يقبلوه.