قولهم: ما المانع من كونه مركبا من العقل والنقل؟
قلنا: لان ما ذكرناه من التقسيم في النقلي، ثابت هاهنا كان مستقلا أو غير مستقل، والقطع لا سبيل إليه، وإن كان ظنيا فالمركب منه ومن العقلي يكون ظنيا، سواء كان العقلي ظنيا أو قطعيا.
قولهم: ما ذكرتموه لازم عليكم في الوقف، قلنا: ليس كذلك، لان الواقف غير حاكم، بل هو ساكت عن الحكم والساكت عن الحكم، لا يفتقر إلى دليل، فلا يكون ما ذكروه لازما علينا شبه القائلين بالوجوب.
وقد ذكر أبو الحسين البصري في ذلك ما يناهز ثلاثين شبهة دائرة بين غث وثمين، وها نحن نلخص حاصلها، ونأتي على المعتمد من جملتها، مع حذف الزيادات العرية عن الفائدة، ونشير إلى جهة الانفصال عنها، ثم نذكر بعد ذلك شبه القائلين بالندب، وطرق تخريجها إن شاء الله تعالى.
إما شبه القائلين بالوجوب فشرعية، ولغوية، وعقلية.
أما الشرعية فمنها ما يرجع إلى الكتاب، ومنها ما يرجع إلى السنة، ومنها ما يرجع إلى الاجماع.
أما الكتاب فقوله تعالى: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) * (24 النور: 54) ثم هدد عليه بقوله:
* (فإن توليتم، فإنما عليه ما حمل، وعليكم ما حملتم) * (24 النور: 54) والتهديد على المخالفة دليل الوجوب.
وأيضا قوله تعالى: * (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة، أو يصيبهم عذاب أليم) * (24 النور: 63) ووجه الاستدلال به ما سبق في الآية التي قبلها.
وأيضا قوله تعالى لإبليس * (ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك) * (7 الأعراف: 12) أو رد ذلك في معرض الذم بالمخالفة، لا في معرض الاستفهام، اتفاقا، وهو دليل الوجوب.