المسألة العاشرة الفعل المتعدي إلى مفعول كقوله والله لا آكل، أو إن أكلت فأنت طالق هل يجري مجرى العموم بالنسبة إلى مفعولاته أم لا؟
اختلفوا فيه: فأثبته أصحابنا والقاضي أبو يوسف، ونفاه أبو حنيفة.
وتظهر فائدة الخلاف في أنه لو نوى به مأكولا معينا، قبل عند أصحابنا حتى إنه لا يحنث بأكل غيره، بناء على عموم لفظه له وقبول العام للتخصيص ببعض مدلولاته، ولا يقبل عند أبي حنيفة تخصيصه به، لان التخصيص من توابع العموم، ولا عموم.
حجة أصحابنا، أما في طرف النفي، وذلك عند ما إذا قال والله لا أكلت أن قوله أكلت فعل يتعدى إلى المأكول ويدل عليه بوضعه وصيغته، فإذا قال لا أكلت فهو ناف لحقيقة الاكل من حيث هو أكل، ويلزم من ذلك نفيه بالنسبة إلى كل مأكول، وإلا لما كان نافيا لحقيقة الاكل من حيث هو أكل وهو خلاف دلالة لفظه. وإذا كان لفظه دالا على نفي حقيقة الاكل بالنسبة إلى كل مأكول، فقد ثبت عموم لفظه بالنسبة إلى كل مأكول، فكان قابلا للتخصيص.
وأما في طرف الاثبات، وهو ما إذا قال إن أكلت فأنت طالق فلا يخفى أن وقوع الاكل المطلق يستدعي مأكولا مطلقا، لكونه متعديا إليه، والمطلق ما كان شائعا في جنس المقيدات الداخلة تحته، فكان صالحا لتفسيره وتقييده بأي منها كان، ولهذا لو قال الشارع أعتق رقبة صح تقييدها بالرقبة المؤمنة، ولو لم يكن للمطلق على المقيد دلالة، لما صح تفسيره به.
فإن قيل: يلزم على ما ذكرتموه الزمان والمكان، فإن حقيقة الاكل لا تتم نفيا، ولا إثباتا، إلا بالنسبة إليهما، ومع ذلك، لو نوى بلفظه مكانا معينا، أو زمانا معينا، فإنه لا يقبل.
قلنا: لا نسلم ذلك وإن سلمنا فالفرق حاصل. وذلك لان الفعل، وهو قوله (أكلت) غير متعد إلى الزمان والمكان، بل هو من ضرورات الفعل، فلم يكن اللفظ