المسألة التاسعة إذا ورد الامر بعبادة في وقت مقدر، فلم تفعل فيه لعذر، أو لغير عذر، أو فعلت فيه على نوع من الخلل، اختلفوا في وجوب قضائها بعد ذلك الوقت، هل هو بالامر الأول، أو بأمر مجدد:
الأول هو مذهب الحنابلة وكثير من الفقهاء، والثاني هو مذهب المحققين من أصحابنا والمعتزلة.
ونقل عن أبي زيد الدبوسي أنه قال بوجوب القضاء بقياس الشرع.
وإن ورد مطلقا غير مقيد بوقت، فمن قال بحمله على الفور، اختلفوا فيما إذا وقع الاخلال به في أول وقت الامكان هل يجب قضاؤه بنفس ذلك الامر، أو بأمر مجدد.
والمختار أنه، مهما قيد الامر بوقت، فالقضاء بعده لا يكون إلا بأمر مجدد.
وبيانه من وجوه.
الأول: أنه لو كان الامر الأول مقتضيا للقضاء، لكان مشعرا به، وهو غير مشعر به، فإنه إذا قال: صم في يوم الخميس، أو صل في وقت الزوال فإنه لا إشعار له بإيقاع الفعل في غير ذلك الوقت لغة.
الثاني: أنه إذا علق الفعل بوقت معين، فلا بد وأن يكون ذلك لحكمة ترجع إلى المكلف، إذ هو الأصل في شرع الاحكام.
وسواء ظهرت الحكمة، أم لم تظهر، وتلك الحكمة إما أن تكون حاصلة من الفعل في غير ذلك الوقت، أو غير حاصلة، وليست حاصلة لثلاثة أوجه:
الأول: أنه يحتمل أن يكون ويحتمل أن لا يكون، والأصل العدم.
الثاني: أنها لو كانت حاصلة، فإما أن تكون مثلا لها في الوقت الأول أو أزيد، لا جائز أن تكون أزيد، وإلا كان الحث على إيجاد الفعل بعد فوات وقته أولى من فعله في الوقت، وهو محال. وإن كانت مثلا، فهو ممتنع، وإلا لما كان تخصيص أحد الوقتين بالذكر أولى من الآخر.