المسألة الثانية إذا قال الصحابي سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يأمر بكذا، أو ينهى عن كذا اختلفوا في كونه حجة.
فذهب قوم إلى أنه ليس بحجة لان الاحتجاج إنما هو بلفظ النبي، صلى الله عليه وسلم، وقول الصحابي سمعته يأمر وينهى لا يدل على وجود الأمر والنهي من النبي صلى الله عليه وسلم، لاختلاف الناس في صيغ الأمر والنهي، فلعله سمع صيغة اعتقد أنها أمر أو نهي، وليست كذلك عند غيره، ويحتمل أنه سمع النبي، صلى الله عليه وسلم، يأمر بشئ أو ينهى عن شئ، وهو ممن يعتقد أن الامر بالشئ نهي عن جميع أضداده، وأن النهي عن الشئ أمر بأحد أضداده، فنقل الأمر والنهي، وليس بأمر ولا نهي عند غيره.
والذي عليه اعتماد الأكثرين أنه حجة، وهو الأظهر. وذلك لان الظاهر من حال الصحابي مع عدالته ومعرفته بأوضاع اللغة أن يكون عارفا بمواقع الخلاف والوفاق.
وعند ذلك. فالظاهر من حاله أنه لا ينقل إلا ما تحقق أنه أمر أو نهي من غير خلاف، نفيا للتدليس والتلبيس عنه بنقل ما يوجب على سامعه اعتقاد الأمر والنهي فيما لا يعتقده أمرا ولا نهيا.