المسألة السادسة عشرة إذا ورد خطاب خاص بالنبي، صلى الله عليه وسلم، كقوله تعالى: * (يا أيها المزمل قم الليل) * (73) المزمل: 1) * (يا أيها المدثر قم فأنذر) * (74) المدثر: 1) * (يا أيها النبي اتق الله) * (33) الأحزاب: 1) * (لئن أشركت ليحبطن عملك) * (39) الزمر: 65) لا يعم الأمة ذلك الخطاب عند أصحابنا، خلافا لأبي حنيفة وأحمد بن حنبل وأصحابهما في قولهم إنه يكون خطابا للأمة، إلا ما دل الدليل فيه على الفرق.
ودليلنا في ذلك أن الخطاب الوارد نحو الواحد موضوع في أصل اللغة لذلك الواحد فلا يكون متناولا لغيره بوضعه. ولهذا فإن السيد إذا أمر بعض عبيده بخطاب يخصه لا يكون أمرا للباقين.
وكذلك في النهي والاخبار وسائر أنواع الخطاب.
كيف وإنه من المحتمل أن يكون الامر للواحد المعين مصلحة له، وهو مفسدة في حق غيره، وذلك كما في أمر الطبيب لبعض الناس بشرب بعض الأدوية، فإنه لا يكون ذلك أمرا لغيره لاحتمال التفاوت بين الناس في الأمزجة الأحوال المقتضية لذلك الامر. ولهذا خص النبي، صلى الله عليه وسلم، بأحكام لم يشاركه فيها أحد من أمته، من الواجبات والمندوبات، والمحظورات والمباحات، ومع امتناع اتحاد الخطاب، وجواز الاختلاف في الحكمة والمقصود يمتنع التشريك في الحكم، اللهم إلا أن يقوم دليل من خارج يدل على الاشتراك في العلة الداعية إلى ذلك الحكم، فالاشتراك في الحكم يكون مستندا إلى نفس القياس، لا إلى نفس الخطاب الخاص بمحل التنصيص، أو دليل آخر.