ولقائل أن يقول: يحتمل أن يكون المراد من قوله: * (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى) * (2) البقرة: 159) العدد الذي تقوم به الحجة، ويحتمل أنه أراد به ما دون ذلك. وبتقدير إرادة ما دون ذلك، فيحتمل أن يكون المراد بما أنزل من البينات والهدى الكتاب العزيز، وهو الظاهر المتبادر إلى الفهم منه عند الاطلاق، وبتقدير أن يكون المراد به كل ما أنزل على الرسول حتى السنة، فغاية التهديد على كتمان ذلك الدلالة على وجوب إظهار ما سمع من الرسول على من سمعه. وليس في ذلك ما يدل على وجوب قبوله على من بلغه على لسان الآحاد. ولهذا، فإنه بمقتضى الآية يجب على الفاسق إظهار ما سمعه، وإن كان لا يجب على سامعه قبوله. وذلك، لأنه من المحتمل أن يكون وجوب الاظهار على كل واحد واحد، حتى يتألف من خبر المجموع التواتر المفيد للعلم.
ومع ذلك كله، فدلالة الآية على وجوب قبول خبر الواحد ظنية، فلا تكون حجة في الأصول لما سبق.
ومنها قوله تعالى: * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) * (16) النحل: 43) أمر بسؤال أهل الذكر، والامر للوجوب، ولم يفرق بين المجتهد وغيره. وسؤال المجتهد لغيره