وما ذكروه من المعنى فغير صحيح، فإن القرآن لا بد وأن يكون مبينا لشئ ضرورة قوله تعالى * (تبيانا لكل شئ) * (16) النحل: 89) وأي شئ قدر كون القرآن مبينا له، فليس القرآن تبعا له، ولا ذلك الشئ متبوعا.
وأيضا، فإن الدليل القطعي قد يبين به مراد الدليل الظني، وليس منحطا عن رتبة الظني.
المسألة الخامسة يجوز تخصيص عموم القرآن بالسنة.
أما إذا كانت السنة متواترة، فلم أعرف فيه خلافا، ويدل على جواز ذلك ما مر من الدليل العقلي.
وأما إذا كانت السنة من أخبار الآحاد، فمذهب الأئمة الأربعة جوازه.
ومن الناس من منع ذلك مطلقا، ومنهم من فصل، وهؤلاء اختلفوا:
فذهب عيسى بن أبان إلى أنه إن كان قد خص بدليل مقطوع به، جاز تخصيصه بخبر الواحد، وإلا فلا.
وذهب الكرخي إلى أنه إن كان قد خص بدليل منفصل لا متصل جاز تخصيصه بخبر الواحد، وإلا فلا.
وذهب القاضي أبو بكر إلى الوقف.
والمختار مذهب الأئمة، ودليله العقل، والنقل.
أما النقل فهو أن الصحابة خصوا قوله تعالى * (وأحل لكم ما وراء ذلكم) * (4) النساء: 24) بما رواه أبو هريرة، عن النبي، صلى الله عليه وسلم من قوله لا تنكح المرأة على عمتها ولا خالتها وخصوا قوله تعالى * (يوصيكم الله في أولادكم) * (4) النساء: 11) الآية، بقوله صلى الله عليه وسلم لا يرث القاتل، ولا يرث الكافر من المسلم، ولا المسلم من الكافر