فهو منقوض بما لو صرح الآمر بجواز التأخير، فإن كل ما ذكروه من الأقسام متحقق فيه، مع جواز تأخيره، وما ذكروه من الآيتين الأخيرتين فهو غير دال على وجوب تعجيل الفعل المأمور به، فإنهما بمنطوقهما يدلان على المسارعة إلى الخيرات والمغفرة. والمراد به إنما هو المسارعة إلى سبب ذلك، ودلالتهما على السبب إنما هي بجهة الاقتضاء، والاقتضاء لا عموم له، على ما يأتي تقريره، فلا دلالة لهما على المسارعة إلى كل سبب للخيرات والمغفرة، فيختص ذلك بما اتفق على وجوب تعجيله من الافعال المأمور بها، ولا يعم كل فعل مأمور به.
المسألة السادسة الامر بالشئ على التعيين، هل هو نهي عن أضداده؟ اختلفوا فيه:
وتفصيل المذاهب: أما أصحابنا فالامر عندهم هو الطلب القائم بالنفس، وقد اختلفوا: فمنهم من قال: الامر بالشئ بعينه نهي عن أضداده، وإن طلب الفعل بعينه، طلب ترك أضداده، وهو قول القاضي أبي بكر في أول أقواله.
ومنهم من قال: هو نهي عن أضداده، بمعنى أنه يستلزم النهي عن الأضداد، لا أن الامر هو عين المنهي، وهو آخر ما اختاره القاضي في أخر أقواله.