فإن قيل: إلا أن الفعل الخاص مع العمومات الموجبة للتأسي أخص من اللفظ العام مطلقا، ولأنه متأخر عن العام، والمتأخر أولى بالعمل.
قلنا: أما الفعل، فلا نسلم أن له دلالة على وجوب تأسي الأمة بالنبي بوجه من الوجوه، بل الموجب شئ آخر، وهو مساو للعام الآخر في عمومه، وسواء كان الفعل خاصا أو عاما. وذلك الموجب للتأسي غير متأخر عن العام، بل محتمل للتقدم والتأخر من غير ترجيح، حتى إنه لو علم التاريخ وجب العمل بالمتأخر منهما.
كيف وإن القول بوجوب التأسي متوقف على وجود الفعل، وعلى الدليل الدال على التأسي، ولا كذلك العام الآخر، وما يتوقف العمل به على أمرين يكون أبعد مما لا يتوقف العمل به إلا على شئ واحد.
المسألة التاسعة تقرير النبي، صلى الله عليه وسلم، لما يفعله الواحد من أمته بين يديه مخالفا للعموم، وعدم إنكاره عليه، مع علمه به، وعدم الغفلة والذهول عنه، مخصص لذلك العام عند الأكثرين، خلافا لطائفة شاذة.
ودليل ذلك أن تقريره له عليه، دليل على جواز ذلك الفعل له، وإلا كان فعله منكرا، ولو كان كذلك، لاستحال من النبي صلى الله عليه وسلم، السكوت عنه وعدم