المسألة الثالثة اختلف العلماء في أقل الجمع، هل هو اثنان أو ثلاثة؟ وليس محل الخلاف ما هو المفهوم من لفظ الجمع لغة، وهو ضم شئ إلى شئ، فإن ذلك في الاثنين والثلاثة، وما زاد من غير خلاف، وإنما محل النزاع في اللفظ المسمى بالجمع في اللغة.
مثل قولهم رجال ومسلمون.
وإذ تنقح محل النزاع فنقول مذهب عمر وزيد بن ثابت ومالك وداود والقاضي أبي بكر والأستاذ أبي إسحاق وجماعة من أصحاب الشافعي، رضي الله عنه، كالغزالي وغيره أنه اثنان، ومذهب ابن عباس والشافعي وأبي حنيفة ومشايخ المعتزلة وجماعة من أصحاب الشافعي أنه ثلاثة، وذهب إمام الحرمين إلى أنه لا يمتنع رد لفظ الجمع إلى الواحد.
احتج الأولون بحجج من جهة الكتاب، والسنة، وإشعار اللغة، والاطلاق.
أما من جهة الكتاب، فقوله تعالى: * (إنا معكم مستمعون) * (26) الشعراء: 15) وأراد به موسى وهرون، وقوله تعالى: * (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) * (49) الحجرات: 9)، وقوله تعالى: * (وهل أتاك نبؤ الخصم إذ تسوروا المحراب، إذ دخلوا على داود ففزع منهم، قالوا:
لا تخف، خصمان بغي بعضنا على بعض) * (38) ص: 21) وقوله تعالى: * (فإن كان له إخوة، فلأمه السدس ) * (4) النساء: 11) وأراد به الأخوين، وقوله تعالى: * (عسى الله أن يأتيني بهم جميعا) * (12) يوسف: 83) وأراد به يوسف وأخاه، وقوله تعالى: * (وكنا لحكمهم شاهدين) * (21) الأنبياء: 78) وأراد به داود وسليمان، وقوله تعالى: * (هذان خصمان اختصموا) * (22) الحج: 19) وقوله تعالى: * (إن تتوبا إلى الله، فقد صغت قلوبكما) * (66) التحريم: 4).