وأما إن كانت مخالفة له، بحيث لا يمكن الجمع بينهما، فالظاهر التعارض خلافا لبعض المعتزلة. وعلى هذا، لو روى الواحد الزيادة مرة، وأهملها مرة، في حديث واحد، فالتفصيل والحكم على ما تقدم فيما إذا تعددت الرواة. فعليك بالاعتبار.
وكذلك الخلاف فيما إذا أسند الخبر واحد، وأرسله الباقون، أو رفعه إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وأوقفه الباقون على بعض الصحابة.
المسألة الرابعة إذا سمع الراوي خبرا وأراد نقل بعضه وحذف بعضه، فلا يخلو إما أن يكون الخبر متضمنا لاحكام لا يتعلق بعضها ببعض، أو يتعلق بعضها ببعض.
فإن كان الأول كقوله المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم فلا نعرف خلافا في جواز نقل البعض وترك البعض. فإن ذلك بمنزلة أخبار متعددة، ومن سمع أخبارا متعددة، فله رواية البعض دون البعض، وإن كان الأولى إنما هو نقل الخبر بتمامه، لقوله، صلى الله عليه وسلم: نضر الله امرأ سمع مقالتي، فوعاها، فأداها كما سمعها.
وإن كان الثاني، وذلك بأن يكون الخبر مشتملا على ذكر غاية. كنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام، حتى تحوزه التجار إلى رحالهم وكنهيه عن بيع الثمار حتى تزهى، أو شرط كقوله من قاء أو رعف أو أمذى، فليتوضأ وضوءه للصلاة، أو استثناء: كقوله: لا تبيعوا البر بالبر إلى قوله إلا سواء بسواء مثلا بمثل فإذا ذكر بعض الخبر. وقطعه عن الغاية أو الشرط أو الاستثناء فهو غير جائز لما فيه من تغيير الحكم وتبديل الشرع.