الخامس: شرطت الشيعة وابن الراوندي وجود المعصوم في خبر التواتر، حتى لا يتفقوا على الكذب، وهو باطل أيضا، لما بيناه من أنه لو اتفق أهل بلد من بلاد الكفار على الاخبار عن قتل ملكهم أو أخذ مدينة، فإن العلم يحصل بخبرهم، مع كونهم كفارا فضلا عن كون الامام المعصوم ليس فيهم.
ثم لو كان كذلك، فالعلم يكون حاصلا بقول الامام المعصوم بالنسبة إلى من سمعه لا بخبر التواتر.
السادس: شرطت اليهود في خبر التواتر أن يكون مشتملا على أخبار أهل الذلة والمسكنة، لأنه إذا لم يكن فيهم مثل هؤلاء، فلا يؤمن تواطيهم على الكذب لغرض من الاغراض، بخلاف ما إذا كانوا أهل ذلة ومسكنة، فإن خوف مؤاخذتهم بالكذب يمنعهم من الكذب. ولو صح لهم هذا الشرط، لثبت غرضهم من إبطال العلم بخبر التواتر بمعجزات عيسى ونبينا، عليه السلام، حيث إنهم لم يدخلوا في الاخبار بها، وهم أهل الذلة والمسكنة، لكنه باطل بما نجده من أنفسنا من العلم بأخبار الأكابر والشرفاء العظماء إذا أخبروا بأمر محس، وكانوا خلقا كثيرا، بل ربما كان حصول العلم من خبرهم أسرع من حصول العلم بخبر أهل المسكنة والذلة لترفع هؤلاء عن رذيلة الكذب لشرفهم وقلة مبالاة هؤلاء به لخستهم.
وبالجملة، لا يمتنع أن يكون شئ من هذه الشروط إذا تحقق كان حصول العلم بخبر التواتر معه أسرع من غيره.
أما أن يكون ذلك شرطا ينتفي العلم بخبر التواتر عند انتفائه، فلا.
المسألة الخامسة ذهب القاضي أبو بكر وأبو الحسين البصري إلى أن كل عدد وقع العلم بخبره في واقعة لشخص، لا بد وأن يكون مفيدا للعلم بغير تلك الواقعة لغير ذلك الشخص إذا سمعه، وهذا إنما يصح على إطلاقه إذا كان العلم قد حصل من نفس خبر ذلك العدد مجردا عما احتف به من القرائن العائدة إلى أخبار المخبرين وأحوالهم، واستواء السامعين في قوة السماع للخبر والفهم لمدلوله، مع فرض التساوي في