المسألة التاسعة خبر الواحد، إذا خالف القياس، فإما أن يتعارضا من كل وجه بأن يكون أحدهما مثبتا لما نفاه الآخر، أو من وجه دون وجه، بأن يكون أحدهما مخصصا للآخر.
فإن كان الأول، فقد قال الشافعي، رضي الله عنه، وأحمد بن حنبل، والكرخي، وكثير من الفقهاء أن الخبر مقدم على القياس.
وقال أصحاب مالك: يقدم القياس. وقال عيسى بن أبان: إن كان الراوي ضابطا عالما غير متساهل فيما يرويه، قدم خبره على القياس، وإلا فهو موضع اجتهاد.
وفضل أبو الحسين البصري، فقال: علة القياس الجامعة أن تكون منصوصة أو مستنبطة: فإن كانت منصوصة، فالنص عليها إما أن يكون مقطوعا به، أو غير مقطوع: فإن كان مقطوعا به، وتعذر الجمع بينهما، وجب العمل بالعلة، لان النص على العلة كالنص على حكمها، وهو مقطوع به،، وخبر الواحد مظنون، فكانت مقدمة.
وإن لم يكن النص على العلة مقطوعا به، ولا حكمها في الأصل مقطوعا به، فيجب الرجوع إلى خبر الواحد لاستواء النصين في الظن، واختصاص خبر الواحد بالدلالة على الحكم بصريحه من غير واسطة، بخلاف النص الدال على العلة فإنه إنما يدل على الحكم بواسطة العلة، وإن كان حكمها ثابتا قطعا فذلك موضع الاجتهاد.
وإن كانت العلة مستنبطة فحكم الأصل إما أن يكون ثابتا بخبر واحد أو بدليل مقطوع به: فإن كان ثابتا بخبر واحد فالأخذ بالخبر أولى، وإن كان ثابتا قطعا، قال فينبغي أن يكون هذا موضع الاختلاف بين الناس. ومختاره أنه مجتهد فيه وقال القاضي أبو بكر بالوقف.
والمختار في ذلك أن يقال: إما أن يكون متن خبر الواحد قطعيا، أو ظنيا:
فإن كان متنه قطعيا، فعلة القياس إما أن تكون منصوصة، أو مستنبطة فإن كانت منصوصة وقلنا إن التنصيص على علة القياس لا يخرجه عن القياس - فالنص