(الصنف الثاني في - النهي) أعلم أنه لما كان النهي مقابلا للامر، فكل ما قيل في حد الامر على أصولنا وأصول المعتزلة من المزيف والمختار، فقد قيل مقابله في حد النهي، ولا يخفى وجه الكلام فيه.
والكلام في أن النهي على أصول أصحابنا هل له صيغة تخصه وتدل عليه؟ فعلى ما سبق في الامر أيضا، وأن صيغة لا تفعل وإن ترددت بين سبعة محامل، وهي التحريم، والكراهة، والتحقير كقوله تعالى: * (ولا تمدن عينيك) * (55) الحجر: 88) وبيان العاقبة كقوله: * (ولا تحسبن الله غافلا) * (14) إبراهيم: 42) والدعاء كقوله: لا تكلنا إلى أنفسنا واليأس كقوله: * (لا تعتذروا اليوم) * (66) التحريم: 7) والارشاد كقوله: * (لا تسألوا عن أشياء) * فهي حقيقة في طلب الترك واقتضائه، ومجاز فيما عداه. وأنها هل هي حقية في التحريم أو الكراهة، أو مشتركة بينهما، أو موقوفة؟ فعلى ما سبق في الامر من المزيف والمختار. والخلاف في أكثر مسائله، فعلى وزان الخلاف في مقابلاتها من مسائل الامر، ومأخذها كمأخذها، فعلى الناظر بالنقل والاعتبار.
غير أنه لا بد من الإشارة إلى ما تدعو الحاجة إلى معرفته من المسائل الخاصة بالنهي، لاختصاصها بمأخذ لا تحقق له في مقابلاتها من مسائل الامر، وهي ثلاث مسائل.