وعن السادسة أنها باطلة، وذلك لان زيادة المشقة من حمل الامر على التكرار، إما أن لا يكون منافيا له، أو يكون منافيا: فإن كان الأول، فلا اتجاه لما ذكروه، وإن كان الثاني فغايته تعذر العمل بالامر في التكرار، عند لزوم الحرج، فيلون ذلك قرينة مانعة من صرف الامر إليه، ولا يلزم من ذلك امتناع احتماله له لغة.
وجواب شبهة القائلين بالوقف ما سبق في جواب من تقدم، والله أعلم.
المسألة الرابعة الامر المعلق بشرط، كقوله: إذا زالت الشمس فصلوا أو صفة كقوله: * (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) * (24 النور: 2) هل يقتضي تكرار المأمور به بتكرر الشرط والصفة، أم لا؟
فمن قال إن الامر المطلق يقتضي التكرار فهو هاهنا أولى. ومن قال إن الامر المطلق لا يقتضي التكرار اختلفوا هاهنا: فمنهم من أوجبه، ومنهم من نفاه.
وقبل الخوض في الحجاج، لا بد من تلخيص محل النزاع، فنقول: ما علق به المأمور من الشرط أو الصفة، إما أن يكون قد ثبت كونه علة في نفس الامر لوجوب الفعل المأمور به، كالزنى، أو لا يكون كذلك، بل الحكم متوقف عليه من غير تأثير له فيه، كالاحصان الذي يتوقف عليه الرجم في الزنى، فإن كان الأول، فالاتفاق واقع على تكرر الفعل بتكرره نظرا إلى تكرر العلة، ووقوع الاتفاق على التعبد باتباع العلة، مهم وجدت، فالتكرار مستند إلى تكرار العلة، لا إلى الامر، وإن كان الثاني، فهو محل الخلاف. والمختار أنه لا تكرار.
وقد احتج القائلون بهذا المذهب بحجج واهية، لا بد من التنبيه عليها، وعلى ما فيها، ثم نذكر بعد ذلك ما هو المختار. الحجة الأولى أنهم قالوا: أجمعنا على أن الخبر المعلق بالشرط أو الصفة لا يقتضي تكرار المخبر عنه كما لو قال إن جاء زيد جاء عمرو فإنه لا يلزم تكرر مجئ عمرو في تكرر مجئ زيد، فكذلك في الامر، وهي باطلة، فإن حاصلها يرجع إلى القياس في اللغة، وقد أبطلناه.