المسألة الرابعة اختلف القائلون بالعموم، في العام بعد التخصيص، هل هو حقيقة في الباقي أو مجاز، على ثمانية مذاهب.
فمنهم من قال إنه يبقى حقيقة مطلقا على أي وجه كان المخصص، وهو مذهب الحنابلة وكثير من أصحابنا.
ومنهم من قال إنه يبقى مجازا كيف ما كان المخصص، وهو مذهب كثير من أصحابنا، وإليه ميل الغزالي وكثير من المعتزلة وأصحاب أبي حنيفة، كعيسى بن أبان وغيره.
ومن أصحاب أبي حنيفة من قال: إن كان الباقي جمعا، فهو حقيقة، وإلا فلا.
وهو اختيار أبي بكر الرازي.
ومنهم من قال إن خص بدليل لفظي فهو حقيقة، كيف ما كان المخصص، متصلا أو منفصلا، وإلا فهو مجاز.
ومنهم من قال إن خص بدليل متصل من شرط، كقوله من دخل داري وأكرمني أكرمته أو استثناء، كقوله من دخل داري أكرمته سوى بني تميم فحقيقة، وإلا فمجاز، وهو اختيار القاضي أبي بكر.
وقال القاضي عبد الجبار من المعتزلة: إن كان مخصصه شرطا، كما سبق تمثيله، أو تقييدا بصفة، كقوله من دخل داري عالما أكرمته فهو حقيقة، وإلا فهو مجاز، حتى في الاستثناء.
وقال أبو الحسين البصري: إن كانت القرينة المخصصة مستقلة بنفسها، وسواء كانت عقلية، كالدلالة الدالة على أن غير القادر غير مراد بالخطاب في العبادات، أو لفظية، كقول المتكلم بالعموم: أردت به البعض الفلاني، فهو مجاز، وإلا فهو حقيقة وسواء كانت القرينة شرطا، أو صفة مقيدة، أو استثناء.
ومن الناس من قال إنه حقيقة في تناول اللفظ له، مجاز في الاقتصار عليه.