سلمنا دلالة ما ذكرتموه على كون خبر الواحد حجة. لكنه معارض بما يدل على أنه ليس بحجة. وبيانه من جهة المعقول، والمنقول:
أما المنقول، فمن جهة الكتاب، والسنة:
أما الكتاب، فقوله تعالى: * (ولا تقف ما ليس لك به علم) * (17) الاسراء: 36) وقوله تعالى: * (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) * (7) الأعراف: 33)، وقوله تعالى: * (إن يتبعون إلا الظن) * (53) النجم: 23) ذكر ذلك في معرض الذم والعمل بخبر الواحد عمل بغير علم وبالظن، فكان ممتنعا.
وأما السنة، فما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه توقف في خبر ذي اليدين حين سلم النبي صلى الله عليه وسلم، عن اثنتين وهو قوله أقصرت الصلاة أم نسيت حتى أخبر أبو بكر وعمر ومن كان في الصف بصدقه، فأتم وسجد للسهو وأما المعقول فمن وجوه.
الأول: أنه لو جاز التعبد بخبر الواحد، إذا ظن صدقه في الفروع، لجاز ذلك في الرسالة والأصول، وهو ممتنع.
الثاني: أن الأصل براءة الذمة من الحقوق والعبادات وتحمل المشاق، وهو مقطوع به، فلا تجوز مخالفته بخبر الواحد مع كونه مظنونا.
الثالث: أن العمل بخبر الواحد يفضي إلى ترك العمل بخبر الواحد، لأنه ما من خبر إلا ويجوز أن يكون معه خبر آخر مقابل له.
الرابع: أن قبول خبر الواحد تقليد لذلك الواحد، فلا يجوز للمجتهد ذلك، كما لا يجوز تقليده لمجتهد آخر.
والجواب: عن السؤال الأول أن ما ذكرناه من الاخبار، وإن كانت آحادها آحادا، فهي متواترة من جهة الجملة كالاخبار الواردة بسخاء حاتم، وشجاعة عنترة.
وعن الثاني أنهم لو عملوا بغير الاخبار المروية، لكانت العادة تحيل تواطؤهم على عدم نقله، ولا سيما في موضع الاشكال وظهور استنادهم في العمل إلى ما ظهر