قلنا: إجماع العقلاء منعقد على أن الامر قسم من أقسام الكلام وأنه واقع موجود لا ريب فيه، وقد بينا امتناع تفسيره بالصيغة والإرادة بما سبق، فما وراء ذلك هو المعني بالطلب، والنزاع في تسميته بالطلب بعد الموافقة على وجوده، فآيل إلى خلاف لفظي.
البحث الثالث: في الصيغة الدالة على الامر.
وقد اختلف القائلون بكلام النفس: هل للامر صيغة تخصه وتدل عليه دون غيره في اللغة، أم لا؟
فذهب الشيخ أبو الحسن، رحمه الله، ومن تابعه إلى النفي وذهب من عداهم إلى الاثبات.
قال إمام الحرمين والغزالي: والذي نراه أن هذه الترجمة عن الأشعري خطأ. فإن قول القائل لغيره أمرتك، وأنت مأمور صيغة خاصة بالامر من غير منازعة.
وإنما الخلاف في أن صيغة افعل هل هي خاصة بالامر أو لا، لكونها مترددة في اللغة بين محامل كثيرة يأتي ذكرها.
واعلم أنه لا وجه لاستبعاد هذا الخلاف. وقول القائل أمرتك، وأنت مأمور لا يرفع هذا الخلاف إذ الخلاف إنما هو في صيغة الامر الموضوعة للانشاء، وما مثل هذه الصيغ أمكن أن يقال إنها إخبارات عن الامر لا إنشاءات. وإن كان الظاهر صحة استعمالها للانشاء، فإنه لا مانع من استعمال صيغة الخبر للانشاء، كما في قوله: طلقت وبعت واشتريت ونحوه.