المسألة الثانية إذا أنكر الشيخ رواية الفرع عنه، فلا يخلو إما أن يكون إنكاره لذلك إنكار جحود وتكذيب للفرع، أو إنكار نسيان وتوقف فإن كان الأول، فلا خلاف في امتناع العمل بالخبر، لان كل واحد منهما مكذب للآخر فيما يدعيه، ولا بد من كذب أحدهما، وهو موجب للقدح في الحديث.
غير أن ذلك لا يوجب جرح واحد منهما على التعيين، لان كل واحد منهما عدل، وقد وقع الشك في كذبه. والأصل العدالة، فلا تترك بالشك. وتظهر فائدة ذلك في قبول رواية كل واحد منهما في غير ذلك الخبر.
وأما إن كان الثاني، فقد اختلفوا في قبول ذلك الخبر والعمل به:
فذهب الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل في أصح الروايتين عنه وأكثر المتكلمين إلى جواز العمل به، خلافا للكرخي وجماعة من أصحاب أبي حنيفة ولأحمد بن حنبل في الرواية الأخرى عنه. ودليله الاجماع، والمعقول.
أما الاجماع، فما روي أن ربيعة بن أبي عبد الرحمن روى عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قضى باليمين مع الشاهد، ثم نسيه سهيل، فان يقول. حدثني ربيعة عني أني حدثته عن أبي هريرة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، ويرويه هكذا. ولم ينكر عليه أحد من التابعين ذلك. فكان إجماعا منهم على جوازه.