وإن جهل مأخذه فالواجب العمل بظاهر اللفظ، وذلك لان الراوي عدل، وقد جزم بالرواية عن النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو الأصل في وجوب العمل بالخبر، ومخالفة الراوي له، فيحتمل أنه كان لنسيان طرأ عليه، ويحتمل أنه كان لدليل اجتهد فيه، وهو مخطئ فيه، أو هو مما يقول به دون غيره من المجتهدين، كما عرف من مخالفة مالك، لخبر خيار المجلس، بما رآه من إجماع أهل المدينة على خلافه. ويحتمل أنه علم ذلك علما لا مراء فيه، من قصد النبي له.
وإذا تردد بين هذه الاحتمالات، فالظاهر لا يترك بالشك والاحتمال. وعلى كل تقدير فبمخالفته للخبر، لا يكون فاسقا، حتى يمتنع العمل بروايته. وبهذا، يندفع قول الخصم إنه إن أحسن الظن بالراوي وجب حمل الخبر على ما حمله عليه، وإن أسيئ به الظن امتنع العمل بروايته.
وأما إن كان الخبر نصا في دلالته، غير محتمل للتأويل والمخالفة، فلا وجه لمخالفة الراوي له، سوى احتمال اطلاعه على ناسخ، ولعله يكون ناسخا في نظره، ولا يكون ناسخا عند غيره من المجتهدين. وما ظهر في نظره لا يكون حجة على غيره.
وإذا كان ذلك محتملا، فلا يترك النص الذي لا احتمال فيه، لأمر يحتمل.
المسألة السابعة خبر الواحد العدل، إذا ثبت أن النبي، صلى الله عليه وسلم، عمل بخلافه، فلا يرد له الخبر،، إن لم يكن النبي، صلى الله عليه وسلم، داخلا تحت عمومه، أو كان داخلا تحت عمومه، لكنه قام الدليل على أن ما فعله من خواصه التي لا يشاركه فيها أحد وإن لم يكن من خواصه فيجب العمل بالراجح من الفعل أو الخبر، إن تعذر تخصيص أحدهما بالآخر. وإن عمل بخلافه أكثر الأمة، فهم بعض الأمة، فلا يرد الخبر بذلك إجماعا، وإن خالف باقي الحفاظ للراوي فيما نقله. فالمختار الوقف في ذلك نظرا إلى أن تطرق السهو والخطأ إلى الجماعة، وإن كان أبعد من تطرقه إلى الواحد، غير أن تطرق السهو إلى ما لم يسمع أنه سمع أبعد من تطرق السهو إلى ما سمع أنه لم يسمع.