جعل الحجية شرعا طريقي لاحراز الاحكام الواقعية الشرعية، فإن الشارع الأقدس - كسائر الحكام - كما يكون له جعل الحكم ثبوتا يكون له أن يعبد به إثباتا في ظرف الجهل به بجعل الحجة الحاكية عنه، بحيث يكون مفاد أدلة جعلها محرزيتها شرعا به، فيجب العمل على مقتضى ذلك، كما هو الحال مع العلم، من دون أن يكون وراءها شئ إلا الواقع، فان أصابته فهو، وإن أخطأته فليس هناك إلا تخيل ثبوته، كما في خطأ القطع.
وكأن هذا هو مراد المحقق الخراساني قدس سره في حاشية الرسائل، حيث ذكر أن مؤديات الحجج في صور الخطأ أحكام صورية، ناشئة من إطلاق حجيتها من دون إناطة بصورة الإصابة، لامتناع التمييز معها.
وأما لو أريد ظاهره من استتباع الحجية لحكم صوري في صورة الخطأ، فيشكل..
أولا: بما عرفت من عدم استتباع الحجية لجعل حكم ظاهري حتى في صورة الإصابة، بل هي لا تتضمن إلا التعبد بالواقع وإحرازه.
وثانيا: بأنه لو فرض استلزام جعل الحجية لجعل حكم على طبق الحجة، فلا معنى لكون الحكم المذكور صوريا في صورة الخطأ مع كون الحجية حينئذ حقيقية، والالتزام بأن الحجية حينئذ صورية مستلزم لعدم ترتب الأثر عليها مع احتمال الخطأ.
والحاصل: أن الحجية معنى اعتباري قابل للجعل يتضمن كون الشئ بنحو صالح لان يعتمد عليه في إحراز الواقع والبناء عليه في مقام العمل، ولازم ذلك عقلا منجزيته ومعذريته. ولعل هذا هو مراد بعض الأعاظم قدس سره من المحرزية والوسطية في الاثبات، وإن كان لا ينبغي التعبير بتتميم الكشف وبأن الحجة من أفراد العلم شرعا، كما تقدم.
وكأنه قد التبس عليه عدم الاعتناء باحتمال الخلاف عملا اللازم من جعل